الجمعة، 8 مارس 2013

الإخوان المسلمون و فاروق .. من تاريخ النفاق المتأسلم

من تاريخ الاخوان المسلمين صفحات لا يحبون الحديث عنها ربما لأنهم زوروها كصفحة حرب فلسطين 1948 التي دورهم المحدود فيها حولوه لدور البطولة و صفحة إنقلاب اليمن 1948 الذي كاد يفتك بهم و تحول لفضيحة فصمتوا عنها و كثير من الصفحات على رأسها ملف النظام الخاص و ملف العلاقة الاخوانية بالملك فاروق ، في هذا المقال أحاول توضيح طبيعة العلاقة بين الطرفين فيما يمكن تسميته من وجه نظري بالنفاق المتأسلم فكما لديهم دولة اسلامية و ثقافة اسلامية و فكر اسلامي فإن نفاقهم أيضاً إسلامي بحيث يصبغون صبغة الخلافة الاسلامية على الحاكم و ينافقون نفس نفاق سلفهم في عهود الامويين و العباسيين و العثمانيين التي برع أمثالهم فيها نفاقاً و تطبيلاً و قبل الدخول في الموضوع نفسه لا بد من فهم أسس الجماعة التي تقود للنفاق ثم ننتقل لملامح الأمر من البداية للنهاية. هكذا يفكرون:
تقوم الأسس الفكرية للعلاقة مع السلطة و التغيير لحسن البنا على مرتكزات في عمله يمكن رصدها بالتالي:
*دعم النظام القائم دعماً كاملاً طالما هو لا يعادي الجماعة بشكل صريح و طالما النظام يمكن التسلل له عبر ثغرات كإستبداده الذي يحتاج مؤيدين بالشارع أو فساده الذي يحتاج نوعاً من التأييد الجماهيري الشكلي.
*التسلل الخفي للنظام و محاولة تغييره من الداخل فإن إستعصى لا تتوقف المحاولة لكن يتم التعامل مع النظام بناء على صفقات أو ترضيات و من الجانب الاخر يعملون بالشارع بحيث يكونوا جبهة قوية به تفيد وقت الحاجة.
*الإخوان لا يغيرون الانظمة بل يحيون معها و يحاولون اصلاحها (من وجهة نظرهم) و تعديلها لرؤيتهم لكن التخطيط للإنقلاب أو الثورة مرفوض.
*في حالة الصدام مع النظام و حدوث امر يقود لتغييره فإن الاخوان يتعاونون مع الطرفين فهم مع الثوريين او الانقلابيين بالشارع بينما مع النظام كذلك لعقد صفقات و في كل الاحوال لا يقبل الاخوان لا مشاركة و لا مناصفة بل حكم إخواني و إرادة صريحة.
*اليسار لا صلح معه أما اليمين فهم جزء منه لكنهم اليمين الديني  و ممكن التعامل مع اليمين العلماني في مواجهة اليسار و في كل الاحوال طالما السلطة لا تعاديهم فهم يقدمون العلاقة مع الحاكم على كل الاتفاقيات.
و الآن لنتكلم عن تاريخ النفاق الاخواني للملك فاروق و هنا أستعير مادة كتاب (مدافع الإخوان) للأستاذ محمد الباز و الذي أعتقد ان كتابه عن الإخوان تاريخياً و آنياً  أفضل ما قرأت مؤخراً عن الأمر و تدفعني مادته الجيدة إلى تكرار تجربتي مع كتاب (الإختراق)لأستاذنا عبد القادر شهيب حين كتبت سلسلتي عن تاريخ شركات توظيف الأموال في مصر و من مادة الكتاب أنقل إليكم الآن.
حسن البنا و النفاق المتأسلم:
*يذكر البنا في مذكراته أن الجماعة إبان وجوده بالاسماعيلية وشوا بها لدى الملك أنه يسئ للذات الملكية فطلب من شباب الإخوان الثناء في كل مكان على الملك و بات في جلساته يثني على الملك بدوره و دفع العمال يوم مرور الملك بالاسماعيلية للإحتشاد على الارصفة للهتاف لصالح الملك مما دفع البوليس إلى كتابة تقرير يشيد بموقف الاخوان من الملك و يطرح فكرة دعم تعميم فروعها بالبلاد لأن في هذا خدمة للأمن و الإصلاح على حد تعبير البوليس.
*دعمت الإخوان فكرة الخلافة في مواجهة الدولة المدنية الوطنية و ربطت هذا بطلبات منها منع التبشير الاوروبي في سلسلة مقالات بعنوان لازلتم للإسلام زخراً ووصفوا فاروق بسمو النفس و علو الهمة و اداء الفرائض و إتباع الأوامر و إجتناب المعاصي ثم نشرت مقالات بعنوان (جلالة الملك المثل الأعلى لأمته) ووصفوه بالغيورر على الدين و تؤكد أن الكثير من الأبناء الفاسدين تابوا تأثراً بسلوك الملك.
*كتب حسن البنا عن الملك بعنوان (حامي المصحف) عن تقوى الملك و إعتباره المصحف الذي يحمله معه بكل مكان حاميه الحقيقي واصفاً إياه بانه من إختاره الله للهداية ، و إعتبر الإخوان في مقالات لهم بمناسبة زواج الملك أنهم (يهبونه الروح) مع تحفظهم على ما ساب حفل الزفاف من خمور و إختلاط.
*في 29 يوليو 1937 حين تولى الملك الحكم رسمياً عقد الاخوان مؤتمرهم الرابع للإحتفال و حشدوا 20.000 و هتفوا بمبايعة الملك و كونوا وفود شعبية للذهاب للملك و مبايعته بيعة شرعية و توافدوا على قصر عابدين رافعين شاعرات مكتوبة بمبايعة الملك على كتاب الله و سنة نبيه داعين لإلغاء الاحزاب  و إقامة حكم إسلامي.
*تحت عنوان (الفاروق يحيي سنة الخلفاء الراشدين) إعتبرت مجلة النذير الإخوانية ان فاروق محيي لسنة الخلافة الراشدة بخطبته في رمضان و أصدر مكتب الارشاد العام أوامره لكل الفروع بالاقاليم للإصطفاف بكل محطات عودة الملك للقيام (بأداء فروض الولاء و الاحتفاء بالطلعة المحبوبة) ، و تحت شعار (ملك يدعو و شعب يجيب) كتب ان 100.000 شاب إخواني جاهزين في كتائب كجنود للملك فاروق لخدمته في تطبيق التعاليم الاسلامية.
* في 29 أغسطس 1942 تصدرت صورة الملك فاروق و بيدة سبحة داخل مسجد تحت عنوان (الملك المحبوب أيده الله) ثم نفس الصورة بنفس العنوان في عيد الهجرة و مرة ثالثة و هو ملتح تحت عنوان (القدوة الصالحة) و سافر البنا مع وفد الى القصاصين بعد حادث اصابة الملك في حادثة السيارة و إصطف مع وفوده أمام مكان علاج الملك داعين له بالشفاء واصفينه بمليك البلاد حفظه الله.
*عام 1945 في عيد ميلاد الملك نشرت جريدة الاخوان المسلمين صورة الملك و تحتها عنوان (عيد الملك هو عيد الشعب و الحب الذي يكنه الشعب للملك لم يمنحه لأحد من قبل) ثم يشيد بمقابلة الملك بن سعود و الملك فاروق و بعث برقية لرئيس الديوان سأل الله فيها أن يعز الاسلام و العروبة بالفاروق العظيم ثم عبر صحيفة الإخوان يكتب البنا بمناسبة مفاوضات الجلاء بين صدقي و الانجليز معتبراً إياه معقد الرجاء و الامال.
*إبان حرب فلسطين و قبل حل النقراشي للجماعة نشرت صحيفة الاخوان المسلمين أن فاروق في الحرب ظهر (في احلى صوره كملك مصر المفدى و أظهرت الحرب هامته بفخار تزهو به مصر و يباهي به التاريخ فقدنا يا مولاي ما شئت فالامة من ورائك و الله من حولك خير حافظ و أقوى معين) في وقت كانت مصر تضج كلها بالهجوم على فضائح تورط الملك و حشايتة في شراء سلاح قديم و قبض عمولات كبيرة في الحرب و سوء التخطيط لدرجة سمحت لاحقاً لإسرائيل باحتلال محيط مدينة العريش نفسها!!
*في الثامن من محرم 1358 ينشر البنا رسالة بمجلة الدعوة تحت مسمى (الكلمات الخالدة) طلب بإعادة أسلمة مصر و منع المنكرات و المحرمات ، و تنشر مجلة الدعوة في عددها 15 تظهر الملك وسط الصفحة و تقول (إحتفلت الأمة المصرية بعيدين في الاحد الماضي عيد جلوس الملك على العرش و زواجه من جلالة الملكة ناريمان و مجلة الدعوة تبتهل الى الله أن يحفظ ذات الملك و يجعل كل أيامه سعيدة) في الوقت التي كانت فضائح الملك الجنسية طاغية لدرجة هتاف المتظاهرين حين طلق فاروق زوجته فريدة أن الطهارة خرجت من بيت الدعارة!!
*حين زار الملك عبد العزيز بن سعود مصر إستعرض الاخوان جوالتهم امام شرفات القصر الملكي و كان أحمد السكري بنفسه يقف بجوار الملك بن سعود في قصر ضيافته يستعرضون قوات الاخوان و تكررت الاتعراضات في كل مناسبة من عيد ميلاد الملك لعيد الجلوس لكل المناسبات العام و كل الاحداث الكبيرة في نفاق فج غير مسبوق.
هذا من نماذج نفاق البنا للملك فماذا عن الجماعة بعد إغتيال البنا بامر من فاروق و تدبير من حكومة عبد الهادي السعدية؟
المنطق أن يقوم الاخوان بالهجوم على الملك و خصوصاً مع حل الجماعة و إعتقال أعضائها فماذا فعلوا؟
الإجابة أكبر من الخيال و ضرب من الجنون من قبل جماعة تعرضت لكل هذا الهجوم و العداء السافر بشكل مبكي!\

*فور تعيين حسن الهضيبي مرشد عام ذهب لقصر عابدين في 14-11-1951 ووقع في سجل التشريفات مؤكداً على التأييد و الطاعة للملك الذي هو نفسه من قتل مؤسس الجماعة -!- و معه لفيف من قادة الاخوان.
*في 16-1-1952 زار المرشد الهضيبي القصر الملكي في مناسبة مولد ولي العهد في وقت كانت فيه المظاهرات تضرب مصر كلها ضد الملك فاروق و في 25-5-1952 زار المرشد الهضيبي قصر عابدين من جديد و أعلن و هو يسجل في التشريفات إستنكاره لكل الهجوم على الملك و أعلن أن الاخوان يتبرأون من كل الهجوم السايسي على الملك!
*في 20-11-1951 توجهت سيارة من القصر الملكي لمقر المرشد الهضيبي لتحمله للملك فاروق في زيارة خاصة و يؤكد أثناء المقابلة على فضل الملك على مصر و يصف الامر بزيارة كريكة لملك كريم .
*عادت مجلة الدعوة في العدد 64 قبل الثورة (او الانقلاب) بشهرين تظهر صورة الملك فاروق و بجانبها كتبت المجلة في عيد الجلوس الملكي (تحتفل مصر اليوم بعيد جلوس حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم فاروق الاول ملك مصر و السودان على عرش آبائه و اجداده   و نحن إذ نرفع الى مقام صاحب الجلالة الملك فاروق الاول و الاسرة المالكة اجمل تهانينا ندعو الله مخلصين أن يجئ هذا العيد الميمون في العام المقبل ووادي النيل يرفل في حلة قشبية من حلل الحرية الحقة و الاستقلال الكامل و الوحدة المنشودة).
..
ختاماً لا ننسى هنا التذكير بأن هذا كان هو النفاق بمعناه المعروف أما لو نظرنا لموقفهم السياسي الذي يجوز تأويله خارج النفاق و الانتهازية كما نراها إلى أسباب يرصدونها بحيث تتناسب مع أصولهم الفكرية فإننا لا نجد القليل بل نجد فيضان مخيف و لدينا نماذج أهمها  إبان مظاهرات 1946 في فبراير تأسست لجنة ثورية جمعت أطياف اليسار و اليمين العلمانيين معاً تحت إسم لجنة العمال و الطلبة و تظاهرت ضد حكومة إسماعيل صدقي و الملك لأسباب أهمها ملف المفاوضات مع إنجلترا و الفساد الملكي فإتخذ الاخوان جانب النظام و تحالفوا مع الملك فمدحوا إسماعيل صدقي واصفيته بالاية الكريمة «وأذكر في الكتاب اسماعيل، انه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا» في موقف لا معنى له إلا الخروج عن المنطق و العقل بتحويل آية كريمة لدعم رئيس وزراء غير منتخب تابع لملك فاسد ثم أسسوا في 28 فبراير اللجنة القومية العامة منهم من جبهة مصر وجماعة مصر الفتاة وحزب الفلاح الاشتراكي وجمعية الشبان المسلمين «شباب الأحرار الدستوريين والسعديين» لضرب اللجنة الاصلية الوطنية دعماً للملك ، غير أن لجنة صدقي- الإخوان، «اللجنة القومية العامة» انهارت وأعلن حلها وإفلاسها في 22 مارس 1946. (فخري لبيب-الأهالي).
و الان أبعد هذا يتجرأ احد من الاخوان على إدعاء انهم لم يكونوا إخوان النفاق للملك؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق