الجمعة، 8 مارس 2013

تركيا و غزو العراق 2003 … عن بعض الأوهام الإردوغانية


مؤخراً تابعت بالكثير من الضحك و الدهشة ردود الفعل الاسلامية على التوتر البالغ بين العراق و تركيا ووصف نوري المالك لتركيا بالدولة الطائفية المعادية فالاسلاميون صاحوا بالجهاد ضد الرافضة الكفار  و الغريب أن (مؤرخ) إسلامي صاح بأن هؤلاء الشيعة يردون جميل رفض استخدام أرض تركيا لغزو العراق من قبل الجيش الأمريكي بإهانة إردوغان البطل الاسلامي !
ما دفعني للدهشة و الضحك معاً أن هؤلاء (الخبراء) يجهلون كل شئ عن غزو العراق و موقف إردوغان و حزبه الحاكم و الجيش التركي و موقف المعارضة القومية و الحزب المعارض الاول حزب الشعب ، هؤلاء الإسلاميون يضربون كل مرة المثال لنا على مدى عدم إهتمامهم بالبحث و عشقهم للتخمين و قراءة رؤوس مواضيع الاخبار من المواقع الاسلامية و النصف إسلامية و منها قد يبتكرون كتاب أو أكثر عن إردوغان و تركيا و ربما حتى يكتبون تحليل إستراتيجي و لذا قمت على مدار الايام الماضية بمراجعة ما سجلته من ملاحظات و أخبار هامة قبيل فترة الغزو الامريكي للعراق و ما تم الاعلان عنه و جمعته في متتاليه مع شرح لأخبار و تسريبات رسمية و نصف رسمية تشرح لنا شيئين الأول طبيعة تفكير حزب العدالة و التنمية و الثاني تأريخ لسياسة تركيا مع المنطقة في وضعية هامة هي إحتلال قطر مجاور بصورة تجعلنا نستنتج بسهولة سياستها المقبلة تجاة أي قطر آخر بأزمة أو غير أزمة.

في 1 مارس 2003 صوت حزب العدالة و التنمية الحائز على 363 مقعد لصالح غزو العراق بناءً على إحالة القانون من قِبل إردوغان للبرلمان في 25 فبراير 2003 مع ترك الحرية للأعضاء للتصويت دون توجية مباشر مع وضوح موقف الحكومة بالموافقة على القانون الخاص بإنضمام تركيا للتحالف الدولي و نشر 62000 جندي أمريكي و 255 طائرة حربية و 65 طائرة هليكوبتر لستة أشهر فوافق حزب العدالة و التنمية بواقع 99 عضو رافض و 19 عضو ممتنع عن التصويت و 245 عضو وافقوا على استخدام أرض البلاد لغزو العراق و الانضمام للتحالف الدولي وسط دعوة اردوغان للموافقة على القرار و مشاركة الجيش بالغزو لوجود فوائد وطنية بالأمر و كاد الامر ينتهي بالموافقة لولا أن العدد المطلوب كان ينقصه 3 أصوات في ظل رفض حزب الشعب و الاحزاب القومية العلمانية!!
الأكثر مدعاة للضحك أن الجيش التركي إنقسم على نفسه و مالت الاغلبية لرفض القرار و إعتباره مضر بالصالح الوطني مع أن قائد الاركان لاحقاً إثر تظاهرات كُردية حاشدة بتركيا و العراق ضد تركيا بين أنه كان مؤيد للأمر و من الطريف أن الرافضين المتعنتين هم (بالصدفة) المتهمين بالتخطيط لمؤامرة إرجينكون الانقلابية المزعومة ضد الحكومة و معهم كل صحفي أو رجل أعمال رافض لسياسات اردوغان الموالية للغرب..!!
لكن كيف حدث كل هذا و ما هو تسلسل الأمر؟
حين وُضعت الخطط الأمريكية لغزو العراق شملت تدخل الفرقة الرابعة الميكانيكية مع فرقة أو إثنتين من الجيش التركي من الشمال بحيث تنضم تركيا للتحالف الدولي لغزو العراق و لكن البرلمان التركي رفض لعدم تحقيق الأغلبية بفارق 3 أصوات لقوة الموقف المعارض بقيادة حزب الشعب و الاحزاب القومية المعارضة.
*1* كانت البداية حين بدأ كولن باول حشد تأييد سياسي منذ 2002 في حكومة بولنت أجافيد بجوار جهود رامسفيلد العسكرية بإغراءات مالية و عسكرية في محادثات مع الرئيس التركي أحمد نجدت سيزار.
*2* من 10 الى 14 نوفمبر 2002 زار حلمي أوزوك قائد الاركان التركية واشنطن و قابل رامسفيلد و تباحثا بشأن التحالف و المقابل المادي و الأهم ضمان عدم قياد دولة كُردية.
*3* في نفس الوقت كان بول وولفويتز بأنقرة يعلن صراحة أن دولة كُردية بالعراق غير مقبولة في محاولة لطمأنة الأتراك و عاد في 4 ديسمبر 2002 مع وكيل وزارة الخارجية مارك جروسمان و أكد على ضمانات للأمر و إستحالة قياد دولة كُردية.
*4* في 11 ديسمبر 2002 إلتقى بوش بزعيم حزب العدالة و التنمية إردوغان الذي لم يكن قد تولى أي منصب سياسي بعد في واشنطن و بعده صرح إردوغان لمقربيه أن موقف الحزب لا بد أن يكون مؤيد للعملية العسكرية.
*5* في ديسمبر 2002 قام الجيش التركي بمسح عسكري شامل على مواقع تمركز الجيش الأمريكي الأساسي بها منذ الحرب العالمية الثانية لكي يستوعب القوات الاضافية المقترح قدومها لتركيا تحديداً في قواعد أنجريليك و باتمان و ديار بكر و الاسكندرونة و مرسين.
*6* في 20 يناير 2003 رئيس وحدة التفتيش المشتركة ريتشارد مايرز  زار نظيره التركي و كرر الزيارة بعد أسبوع جيمس جونز القائد العسكري للناتو.
*7* في 6 فبراير 2003 صوت البرلمان التركي ذو الاغلبية الاردوغانية على الموافقة على توسيع و رفع مستوى القواعد الأمريكية بتكلفة 200 الى 300 مليون دولار للإستعداد لقدوم القوات الجديدة لغزو العراق بعد الموافقة المرتقبة على القرار و الموافقة على نشر 3500 فني و عسكري أمريكي جُدد للقيام بالتعديلات المطلوبة في إطار زمني قدره 3 شهور.
*8* في 13 فبراير 2003 بدأ عمل الشركات التركية المتعاقدة على التطوير و التجهيز بالموانئ و المطارات
*9* في 14 فبراير 2003 إجتمع بوش مع ياسر ياكيس وزير الخارجية التركي ووزير الدولة لشئون الاقتصاد علي باباجان لمناشة المقابل المالي و العسكري لإشتراك تركيافي التحالف.
*10* في 19 فبراير 2003 تلقى رئيس الوزراء عبد الله جول إتصال من كولين باول طلب فيه الاسراع بالأمر و قبول التحالف لتنظيم الأمور كاملة و تساءل عن سبب البطء و طلب جول الانتظار حتى انتهاء عيد الاضحى لحساسية الامر دينيا ! .
*11* في 1 مارس 2003 صرح بارزاني من العراق أي تدخل عسكري تركي بالشمال و هدد بأن هذا سيُقابل بالعنف من الكُرد و مع هذا تم إرسال 5000 جندي تركي محتشدين عند الحدود العراقية.
*12* في 6 مارس 2003 أعلن كولن باول ان الفاتورة المقدمة لتركيا تشمل 6 مليارات دولار تشمل 2 مليار دولار مساعدات عسكرية و 4 مليارات مساعدات إقتصادية و إمكانية وضع 24 مليارات دولار لتركيا كقروض ميسرة الفوائد منهم 8.5 مليار دولار فورية.
*13* ف 13 مارس 2003 طلب بوش من إردوغان فتح المجال الجوي للقوات الامريكية و حاول عبد الله جول الاعراب عن إمكانية إعادة التصويت الفاشل في 1 مارس 2003 لكن بوش أعرب بوضوح أن الأمر لم يعد يهم الولايات المتحدة و أن عرض جول مرفوض و كل المطلوب فتح المجال الجوي فقط.
*14* في 19 مارس 2003 وافق البرلمان ذو الاغلبية الاردوغانية بقوة 332 الى 202 لصالح فتح المجال الجوي التركي للولايات المتحدة و إمتناع عضو واحد فقط و فتح 11 ممر جوي للأمريكان لستة أشهر و فتحت تركيا مجالها الجوي في 21 مارس للأمريكان دون قيد أو شرط شاملة تزويد الطائرات بالوقود و إعادة الإمداد!
*15* في 19 مارس أعلنت الحكومة التركية نية نشر قواتها شمال العراق لتهديدات حزب العمال الكردستاني لها وسط إحتجاجات أمريكية على أن هذا سيكون معيق للحملة الامريكية لكونه تدخل خارج خطط الغزو و أعلن رامسفيلد أن قوات تركية بالفعل دخلت العراق و لاحقاً حذر زلماي خليل زادة من أن هذا قد يفتت التحالف.
*16* في 1 إبريل سمحت تركيا بعبور بري ل 204 عربة همفي أمريكية لشمال العراق مع ربط بهذا بعمل قواتها شمال العراق فيما سمته عمل إستكشافي و أمني تركي شمال العراق.
*17* في 2 إبريل 2003 زار كولن باول تركيا و أثنى على الدعم التركي المساند للتحالف الدولي.
*18* في 1 مايو 2003 أعلن الأتراك نهاية عمليات المراقبة الخاصة بجيشهم شمال العراق.
..
كانت هذه هي متتالية الموقف التركي أمام الغزو الامريكي للعراق و موقف الاخ إردوغان و حكومته و برلمانه..
هذه هي حقيقة الحدث كما تم و أرجو الانتباة..
الاسلاميون يكذبون و يزيفون ما حدث مدعين أن المعارضة لكل شئ كانت إردوغانية و ليست علمانية..
هذا موقف إردوغان ، هذا موقف حزبه ، هذا موقف برلمانه..
أفيقوا !

..
..
ملحوظة:
لمن يرغب في كل التفاصيل كاملة عليه قراءة تقرير الكونغرس الامريكي كاملاً عن دور تركيا بين مارس-مايو 2003 لغزو العراق ، تقرير شامل موثق رفع للكونغرس و قدم للرئاسة و الشعب الامريكي و يعد أهم مصدر على الاطلاق لتوضيح دور تركيا في غزو العراق..

لينك 1 لتتحميل التقرير.
لينك 2 لقراءة التقرير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق