الجمعة، 8 مارس 2013

مثلي-مثلية وأفتخر


إبان دراستي في الجامعة إحدى الفتيات لفتت إنتباهي فهي جميلة غير محجبة -على خلاف 99% من المسلمات بالجامعة- و لا أراها بصحبة أي شاب و لديها هدوء ظاهر و تقدم دراسي فتحدثت إلى صديق لإحدى صديقاتها لكي أعرف عنها المزيد فأخبرني -بعد حديثه لرفيقته- أن (الطريق مسدود) لأن البنت طلعت (…) و ذكر لفظاً بذيئاً فلم أفهم حتى قال لي نصاً انها شاذة (سحاقية) ، حينها و بلا مبرر طبيعي تحدثت بهذا كثيراً و كنت غاضب أتصور انها تنشر الفساد و المحرمات و بالاشتراك مع بعض الطلاب العاملين بالاسلام السياسي تعاوننا مع احد المدرسين بالجامعة و تم إجبارها على المغادرة لجامعة أخرى..فإلى هذه الفتاة التي أسأت اليها بجهلي وقتها و تعصبي حينها و قيمي المتشددة أكتب هذا المقال إعتذاراً و أسفاً.
..
هِب أنك في وسط بشر مثلك لهم صفاتك و خصائصك لا تختلف عن أحدهم حين تقاتل معهم و تأكل و تمرح ثم لشأن خاص بك وحدك يتعلق بك أنت فقط يمس أدق خصوصياتك و أكثرها سرية في ممارستها تجدهم يعتبروك آفة لهذا العالم ، هل يمكن ان تحترمهم أو تتفهم موقفهم؟
هِب أنك كنت طبيعياً مع نفسك في عدم الكذب فتمارس عملك كما يقر القانون و لا تخالف النظم المتعلقة بالعمل و الصداقة و ما يتطلبه الاصدقاء من تلازم و صحبة و لا تتجاوز حدودك مع الآخرين و تحترم خصوصيتهم ثم تجدهم لا يحترمون خصوصيتك و يتدخلون في فراشك و يحاسبوك على رغباتك لمجرد انك تظهرها و لا تكذب عليهم و لا تستغفل عقولهم هل يمكن أن تحترمهم أو تتفهم موقفهم؟
هِب أنك في مجتمع الرجل فيه يجبر شريك الفراش على الممارسة بالقوة مستخدماً حق الزواج في صورة أشبه بالاغتصاب و لا يهتم أحد بهذا ، مجتمعك  تُنكح فيه القاصر بمباركة الأهل و الحباب و تكون أم قبل أن تعرف آلية جسدها ، مجتمعك يشيد بفحولة الذكر الزاني كما يصفوه و يذبح الأنثى الثانية كما يصفها ، مجتمعك يقطع لحم انثاه حتى يتجنب أن تُستثار -جهلاً- و يدعم ذكوره بمنشطات ، مجتمع يأمر بصرامة بالحجاب و يتابع بشغف قصص الجنس المتداول في جلسات الزوجات و جلسات الزواج ،هذا المجتمع تجده يحاسبك على ميول خاصة بك وحدك و بشريكك الذي يتراضى معك  هل يمكن أن تحترمهم أو تتفهم موقفهم؟
إن كان ردك لا فقلها..انا مثلي و أفتخر.
..
سيسأل سائل و هل نقبل بهذا الحرام الإثم الكبير؟
أجيب ألا تقبل طالما تلك رغبتك و تلك قناعاتك  لكن دع رفضك لنفسك فلا أطالبك أن تقوم بما ترفض لكن لا تُملي رغباتك الخاصة و معتقداتك و أفكارك على غيرك فلا معنى لأن تفرض على غيرك ما تؤمن به نصاً و قدساً و إيماناً و فكراً على غيرك ، إنك لا تقبل هذا فلا تقمه على فراشك لكن لا تتدخل في فراش غيرك فإنك لا تقبل أن يحاسبك احد على فراشك فلا تفعلها معه فإن كنت تأبى هذا كليةً لدرجة القطيعة فأنت حر  قاطع من ترفضه لو أردت فلن يجبرك أحد على صحبة من لا تحب لكن لا تتدخل فيما لا يخصك إلا لو قبلت أن يكون عليك رقيباً في فراشك ليتاكد أن شريكك لا يمارس معك سراً ما ترفضه أنت.
..
سيقول معترض أن الدولة لا بد ان تحمي المجتمع من الإنحراف.
أسألك انا أين الإنحراف في فراش و طرفين متراضيين و سرية بينهما؟
هل سألت نساء أرضك هل شريكهن (الطبيعي) لديه ما تكره أنت و ترفض أنت لكن الخجل يمنعهن من الحديث؟ .. هل الإنحراف لديك هو الإنحراف مطلق أم نسبي لدى كل الناس ام أن تلك قناعاتك و ما تراه إنحرافاً هو لدى الآخر قناعة طبيعية لا أكثر؟ .. هل دور الدولة مراقبة الفراش أم مراقبة العام من الأمور دون قاعدة تتيح لهم التسلل لفراش الاخر؟ .. الأهم هل تقبل أنت أن نتأكد دورياً أنك لا تدعي كذباً و ان علاقتك بشريكتك أو شريكَكِ غير ما تُظهِر؟
..
سيقاطع ثائراً أحدهم و يصيح بأن هذا كلام الله.
سأجيب أن الله حرم في عقيدتك و كثير من العقائد الأخرى و هذا ثابت لمن يؤمن به فمن يؤمن بالقرآن فهو محرم عنده و من يؤمن بالانجيل فهو محرم عنده و كل كتاب يُحرم المثلية بالتأكيد من يؤمن به هذا محرم عنده ، لكن من لا يؤمن ما شأنك أن تتدخل في شئونه؟ .. من يؤمن و يريد ممارسة ما حُرِمَ عليه لم تتدخل انت في شئونه؟ .. من يحيا و مجتمعه يقبل او يرفض ما ذنبه ان يكون في فراشه مراقباً و على حقه الإنساني مُحاسباً و على رغباته مُعاقباً؟
..
عزيزي الغير مثلي – عزيزتي الغير مثلية..
إن حياتكم الخاصة لا تقبلون الحديث عنها -غالباً- و تنظمونها بينكم بالتراضي و تكون قاصرة على طرفين و ترضي رغباتكما -غالباً- و لا تمثل إلا راحةً لأعصابكما و بدونها تصير حياتكم ناقصة مقيتة و حالتكم النفسية سيئة ، لماذا إذا تتدخلون في نفس الأمر لدى غيركم من المثليين و تمارسون التدخل و تتحكمون في التنظيم و تمنعون إشباع رغبات لطرفين متراضيين و تحيلون حياتهم لجحيم ؟
..
عزيزي المثلي..
عزيزتي المثلية..
لستم في مجتمع اليوتوبيا و ليس هؤلاء عليكم بأوصياء.
من كان منكم يؤمن بكتاب يُحرم مثليته فأمامه النص و العقل و هو حر.
من كان منكم يرى نفسه مريضاً فليسعى لعلاج و من كان يرى نفسه طبيعياً بمثليته فهو حر فتلك شئونك و ليست شئون احد آخر.
عزيزي المثلي..عزيزتي المثلية : قولوها ، مثليون و نفتخر.
……
عن الصورة:
ضابطة البحرية الأّمريكية – الملازم ثان (ماريسا)، باليسار ، تقبل صديقتها، الضابطة (ملازم ثان) سنيل .. وهي المرة الأولى التي يتم فيها اختيار (زوجين) من (*نفس الجنس) .. كأفضل قبلة رومانسية عند العودة للوطن الأم….

هناك تعليق واحد:

  1. احسنت .. كلام رائع جداً ... المصيبة انهم لا يرون الفساد في عيشهم المتدني .. والفقر بسبب سرقة السياسيين لاموالهم كشعب ... وعندما لا يجدون دواء في المستشفيات ويموتون احبابهم بسبب جشع الاطباء الذين يبيعون الدواء في السوق السوداء .. انهم لا يرون في كل ذلك فساد .. بل يسمون المثليين بالمفسدين.

    ردحذف