الجمعة، 8 مارس 2013

هل هناك حقاً شريعة إسلامية واحدة؟!


 
إن منهجيتي في البحث الاسلامي قائم على أساسين الأول القراءة الكاملة للتاريخ بحيث يعطينا فكرة عن التطبيق السياسي/الاجتماعي لفهم الاولين للإسلام بما يجعلنا على بينة بالتدرج الانساني في فهم و قراءة النص ، ثانياً التفكير بمنطق العصرنة بحيث نرتبط بالعصر فيما نراه الاكثر منفعة بإعتبار هذا هو الغرض الاسمى للأديان أن تقود أتباعها للإضل مع وضع حاجز محدد في تصعيد الانسانية لتكون مرشح يحجز ما يتعارض معها بحيث لا تتحول الاديان لمنهجية عنصرية أو تمييزية أو على الاقل منهجية التعالي على الاخر من الانسان.
لهذا يأتي مقالي في إطار طرح تساؤل محدد حول ماهية الطرح الاسلامي أو المشروع الاسلامي او فكرة (تطبيق الشريعة) بإعتبارها شعا كل التيارات المتطاحنة من إندونيسيا الى المملكة المغربية بينما كلهم متطاحنون متعارضون يخطئون بعضهم بل يكفرون و مع هذا كلهم يرفعون نفس الشعار فنرى وحدة الشعار و تطاحن أصحابه مما يؤدي لنتيجة إستحالة وجود منهج واحد يسمى الشريعة الاسلامية و إلا ما تطاحنوا ووحدوا منهجهم.

مم تتكون الشريعة؟
أجمعت المصادر الاسلامية على أن الشريعة كالآتي:
*1* قرآن.
*2* سنة نبوية.
*3* الفقة.
..
القرآن:
القرآن كما قال علي بن أبي طالب حمال أوجه فتاريخياً القرآن حجة كل الخصوم فالسنة و الشيعة و العلويين و الاسماعيليين يرفعون القرآن جميعاً و كل طرف يقدم رؤيته التي تكفر الاخر أو على الاقل تحط من قدره الديني مستنداً الى آيات قرآن واحدة بتفسير شيوخه ، بالتالي بات لدينا قرآن واحد بتفاسير و فهم متعددين لدرجة إشتعال الحروب فبن العاص حين رفع المصحف على أسنة الرماح كان أيضاً يعلم أن بن أبي طالب الذي يحاربه يرفع القرآن كذلك و رفض الصلح أثناء القتال بإسم القرآن ، أيضاً بن عفان مات على المصحف و من قتلوه رفعوا المصحف و الامويين هدموا الكعبة مرة و حرقوها مرة بإسم القرآن الذي أيضاً رفعه بن الزبير و هو يقاتل الامويين أمام الكعبة حتى صلبوه أمامها ثم قامت جيوش العباسيين برفع القرآن و هي تذبح الامويين ثم تقاتل ولاتهم بإسم الاسلام مع بغداد التي سقطت تحت سنابك المغول و جاء بعدهم الاتراك الذين طحنوا كل أمم الاسلام رافعين القرآن و الصفويين وراءهم بالخناجر و القرآن و الى اليوم كل فئات الاسلاميين تتقاتل و ربما تكفر بعضها كما رأينا بأفغانستان و الصومال رافعين قرآن واحد بألف معنى في عقولهم.

السنة:
السنة وضعها شديد الصعوبة فهي قولية و عملية (فعلية) و بين الطوائف الاسلامية في كل حديث رأي فحديث بسيط كحديث الحجاب لأسماء أهل السنة يتقاتلون حوله فتارة ضعيف لصالح حديث الحجاب ذو العين الواحدة و تارة قوي و سنده ممتاز و كل شيخ له منهجية تعتبر أحاديث جيدة و احاديث أخرى ضعيفة و حتى المبدأ العام كالآحاد يختلفون حوله فيتحدثون حول ضعفه لكن يعتمدون عليه إن لم يجدوا غيره ، إن السنة النبوية عبارة عن مشاع بين الفئات الاسلامية المتقاتلة و كل طرف له أساتذته الذين يضعفوت و يقوون ، إن السنة منبع لكل ما نراه اليوم من مشكلات فهي مكملة للقرآن تفسيرياً لكن تحولت لكارثة فواقعة مثل زواج النبي صلى الله عليه و سلم من عائشة جعلتنا نطالب بزواج الاطفال و حالة الرضاعة جعلتنا نتحدث برضاع الكبير و حديث عن معاوية جعله شر أهل الارض و آخر جعله بالجنة ! .. إن الاحاديث صنعت مهازل في حياتنا من زاوية الاخذ بها أو تضعيفها بين الفرق ثم تحولت لمركز لصناعة القرار بكل تناقضها ، بإختصار كل ما يسري عليها يسري على ما ذكرته بالقرآن فالسنة حمالة أوجه بصورة مضاعفة ألف مرة على الاقل.

الفقة:
تخيلوا آراء بشر من إندونيسيا للمملكة المغربية في 1000 سنة على الاقل و ما بها من تضارب مذهل بحكم كون الاراء مبنية على قرآن و سنة و إستحسان و قياس شخصي الخ الخ الخ !!
الفقة من قرية لأخرى يتناقض لتضارب المصالح و المذاهب فتخيلوا فقة من قارة لأخرى كم من التناقضات تنتجها ؟؟!
كم من التناقضات نراها داخل الفئة الواحدة من المذهب الواحد و المدينة الواحدة !!
لست في حاجة للمزيد فقط قارنوا و تخيلوا !!!
..
الآن هل بالامكان صنع منهج من الثلاثة مصادر؟
الاجابة يمكن صناعة 100.000 منهج منهم و كلهم مستندون للشريعة بمصادرها الثلاثة و بصورة ممتازة منهجية بغض النظر عن كونها صالحة للعصر أو تتناقض معه فالمنهج سهل الصناعة جداً لكن مستحيل صناعة منهج واحد مفصل موحد فهناك أرض متسعة شاسعة تصنع الآلاف من المناهج و ستتطاحن و تتقاتل و كل واحدة تقول أن الاخر منهج فاسد و مخالف للشريعة (التي ليست موجودة بشكل موحد أصلاً) و يحل شرعياً لكل فئة قتال الفئة الاخرى و قتلها من اجل شرع الله الذي هو منهجهم ، كل الصراعات بين الاسلاميين من السب الى التشابك الى الذبح بدأت بالحديث عن تطبيق الشريعة ثم التطور لطرح أفكار متناقضة كل فكرة أو برنامج تتبع جماعة و كل جماعة تصر ان منهجها يتبع القرآن و السنة و الفقة (و هذا حقيقي) ثم تحدث الحروب الدموية و كل طرف يقسم انه يريد شرع الله لكن برنامج كل فئة لشرع الله يختلف عن برنامج الفئة الاخرى و كل برنامج مستند فعلاً للقرآن و السنة و الفقة !!! .. الخلاصة بوضوح أن الشريعة ليست شئ واحد واضح و محدد أو برنامج بل مجرد مصادر متنوعة مختلفة يصلح أي تيار لصناعة برنامج منها و مع تعدد الافكار ننتج آلاف البرامج و كلها تسمى شريعة فليس هناك شئ إسمه برنامج الشريعة بل هناك مصادر للشريعة تنتج برامج للشريعة بغض النظر عن كونها متفقة مع العصر أو مناقضة كليةً له فهذا قول آخر تماماً.
..
و الله من وراء القصد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق