الجمعة، 8 مارس 2013

شركات توظيف الأموال .. القصة الكاملة: 4

شيك من الريان لأحد تجار العملة
تم استخدام مثل هذه الشيكات في تهريب اموال الضحايا للخارج - من أوراق المدعي العام الاشتراكي
حين قامت الدولة بالتصدي لتسيب شركات توظيف الأموال أرسلت مندوبي هيئة سوق المال لحضور الجمعيات العمومية الشكلية للمودعين في العام 1987فكان تهديد الكل لهم و الاستهزاء بالدولة عبر سن قواعد جديدة تطيح بحقوق المودعين كان اهمها إعتبار كل الأموال التي تم منحها للمودعين منذ الإيداع بمثابة سلفة!! .. يتم خصمها من أصول ودائعهم و أموالهم حين يريدون إسترداد اموالهم لأنها لم تحقق أرباح في موقف كذبوا به أنفسهم و هم المتباهون بالأرباح الطائلة للمودعين فبجرة قلم صنعوا مأساة الضحايا الذين أودعوا المال و نالوا الأرباح الشهرية لتكون النتيجة خصم الأرباح من أصل المبلغ وقت السحب ، و زادت ضربات الشركات للمودعين لدرجة أن الريان تبجح بأنه (أثناء المحاكمة) صرف 900 مليون للضحايا و لم يتبق له الا 300 مليون أصول شركاته و الباقي خسره في المضاربات بواقع مليار جنية أي أكثر من أرباح المودعين التي تم صرفها!!! ، إنهم هؤلاء الضحايا المساكين الذين كانوا محظوظين بالوهم و الارباح الكبرى ثم باتوا ملتاعين باكين.
كان الضحايا كوكتيل مصري مختلف من الفلاحين و العمال و الغنياء الأميين و المثقفين المهندسين و الاطباء و التجار و ربات البيوت ، كانت أرقام الضحايا متنوعة بين 60% من مودعي الريان و 6% من السعد و 6% من الشريف و 5% من الهدى ثم 23% لباقي الشركات ، كانت الايداعات متنوعة بين الجنية و العملات الاجنبية و الذهب ، كانت الايداعات متعددة احياناً فنجد المودع الواحد في أكثر من شركة ، تنوع المودعين بين القاهرة و المحافظات و شملت القوائم كل أنحاء مصر ، كانوا فئات غريبة أسوأ ما فيها كونها تضم مثقفين و مصرفيين بالبنوك ، كانت تواريخ الإيداعات قديمة تنتمي لأعوام 1978 و 1979و بعضها ينتمي لعام 1988 قبل انفجار الشركات بأسابيع و بعض الايداعات كان بعد إنهيار الشركات!!!
المؤسف حقاً هو ما نجده في أرقام الايداعات ، 50% من الايداعات بين 1000 و 10000جنية و  27% من الايداعات بين 10000 الى 20000 جنية و 16,3% من الايداعات بين 20000 إلى 50000 جنية و 4% تتراوح إيداعاتهم بين 50000 و 100000 جنية و 2,2% تتراوح ايداعاتهم بين 100000 الى 500000 جنية أما الودائع من نصف مليون لأكثر فهم نسبة 0,5% من المودعين و إن أشار هذا لشئ فهو يشير لأن الضحايا شملوا الكل من الفقراء للمليونيرات ، شملوا المقيمين بالخارج و الموظفين الحكوميين و المزارعين و التجار ، شملوا ضباط الجيش و الشرطة و حتى المواطنين البسطاء الذين كانوا يقترضون من البنوك و يودعون في شركات توظيف الاموال و يدفعون الدين من الفوائد و يحتفظون بالفارق بصافي ربح يبلغ 11% في بعض الاحيان ، شملت القوائم بكل أسف بنوك رسمية و شركات أودعت بإسمها في تلك الشركات!!!
لكن كيف لم يضمن المودعون حقوقهم بفعل تلك العقود بينهم و بين الشركات؟
أجيب بأن العقود كانت عقود إذعان لا ترتب للمودع أي حقوق ، ليس للمودع حق التدخل في أسلوب الادارة أو الاعتراض و اقتسام الارباح مناصفة مع قبول الخسارة و لو شملت المال كله ، صرف سلف شهرية للمودع حتى تسوية الارباح و الخسائر و لو زادت الخسائر عن الارباح يتم الخصم من أصل الوديعة ، عدم اللجوء للقضاء إن حدث خلاف و الاكتفاء بلجان تحكيم الشركات ، حق الشركة في الغاء العقد بأي وقت ، المدهش أن تلك الشركات حين تحولت بالقوة لشركات مساهمة إستخدم أصحاب الشركات تلك العقود الواهية لشراء أسهم وهمية للمودعين بدون علم أغلبهم و تغيير اسم الارباح لسلف شهرية بضمان الاسهم و يشترط كون الاسهم في حوزة ادارة الشركة!!!!!!!
كانت الفوائد الكبيرة جداً و الشعارات الدينية هي العوامل التي جلبت الضحايا ، كذلك الاعلانات و الدعاية التي أثرت على المودعين و جذبت مودعين جدد عبر اكاذيب فارغة في الجرائد القومية و الخاصة و الحزبية الليبرالية ووكالات الاعلان عبر الرشاوى و العمولات التي مقابلها بيع الضمير و بيعت المهنية و الامانة الصحفية ، كذلك التليفزيون الذي تملكه الدولة و الذي باع كل وقته تقريبا لهم دون تقصي عن طبيعة السلع المعلنة مقابل رشاوى ووساطات ، كذلك اجتذاب المودعين عبر ايداعات لاعبي الكرة مثل محمود الخطيب و ظهوره باعلانات الشركات ، كذلك استخدام رجال الدين مثل الشعراوي و سياسيين و مسئولين حكوميين و غير ذلك من الشخصيات الشهيرة و المعروفة مثل يوسف والي و علي لطفي و صوفي أبو طالب و الرئيس مبارك شخصياً!!!
لكن كيف واجهوا الهجوم عليهم بشكل يقنع الضحايا؟
كانت الوسائل سهلة عبر الاتي:
-1- تكفير من يهاجمهم ووصفهم بالعلمانيين كارهي الشريعة و الاقتصاد الاسلامي عملاء الصهيونية و الامريكان.
-2- الكذب الزائد عبر الدعاية لمشروعات كبرى غير حقيقية وهمية مثل ادعاء انشاء شركات طيران وهمية.
-3- النصب العلني عبر ادعاء وجود ايداعات جديدة و التركيز على تأجير أفراد يتجمهرون امام الشركات كأنهم مودعين جدد كدعاية مضادة.
-4- عبر شبكة المصالح التي كونوها قاموا بإنشاء حائط ناري قوي مضاد لكل الاتهاماتو الهجوم المضاد على المهاجمين.
إلى هنا تنتهي الحلقة و نبدأ الحلقة القادمة إن شاء الله في الحديث عن شبكة المصالح التي كونوها و التي حمتهم و صنعت امبراطوريتهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق