الجمعة، 8 مارس 2013

وقائع إغتيال المهدي بن بركة .. عن روح مازالت تأبى الموت.



 
كنت قد قررت إستعارة  لعنوان هذا المقال المعتمد على الكتاب القيم كتاب الفريق رعد الحمداني (قبل ان يغادرنا التاريخ) والذي أعده أحد أفضل ضباط الحرس الجمهوري و العسكريين العراقيين ممن لو كان لهم وطن حقيقي أو دولة حقيقية تسمى العراق اليوم (بعد التحرير طبعاً عام 2003 !!!) لكان ركناً أساسياً من أركان جيش بلده لكني إرتأيت (روح تأبى الموت) كخيار أفضل و أكثر تعبيراً فربما يقتل أحدهم الجسد لكن الروح لن تموت و عبر الاعتماد على كتاب (خفايا إغتيال بن بركة) أو (Ils ont tué Ben Barka) لجاك درجي و فريدريك بلوكان  نرصد وقائع إغتيال الراحل المناضل المهدي بن بركة ،  ، أريدُ ألا ننسى و ألا يغادرنا التاريخ الذي يفر منه كثيرون اليوم أو يبرئون القاتل الحقيقي منه لأنه تولى بنفسه الاشراف على قتل منفذ إغتيال بن بركة ثم قتل من قتل القاتل لاحقاً -!- إن مسئولية الملك الراحل الحسن الثاني عن إغتيال بن بركة لن يمحوها أنه نفسه لاحقاً قتل الجنرال اوفقير مدبر قتل بن بركة فالمسئولية لا تسقط لأن القاتل المحرض قتل القاتل المنفذ ، فلنعرف قبل أن يغادرنا التاريخ .. تاريخ روح بن بركة التي تأبى أن تموت.
..
أين بن بركة؟
في 22 أكتوبر 1965 أكد المهدي لشقيقه عبد القادر من جينيف مجيئه يوم 29 القادم و طلب لقاوؤه مع صديق مشترك هو محمد طاهري و الذي طلب منه قبل مجئيه لباريس يوم 28 أن يحجز لهما و لشقيقه تذاكر لعرض مسرحي ، لم يأت بن بركة فذهب شقيقه مع طاهري للسينما تاركين تذكرة المهدي بالشباك و حين عادا وجدا إتصال غريب من طالب مغربي إسمه الأزموري كان يفترض ان يقابل المهدي قبل مجيئه للمسرح ضمن جلسة مع سينمائي فرنسي إلا أن شرطيين فرنسيين إعتقلا المهدي و معهما 20 رجل مريبين ليسوا من الشرطة ، شعر الكل بالقلق و تسرب الأمر للصحافة باللوموند يومي 29 و 31 أكتوبر لتظهر مفاجآت كثيرة ، الشرطي الموكل بحراسته (فرانسوا الكايدة) تلقى يوم 29 أمر بالتحقق هل الشرطة إحتجزت بن بركة أم ماذا ليفاجأ بزيارة المهدي التي لم يكن يعلمها و يتأكد من دخوله يوم 29 لفرنسا بجواز سفر جزائري مما يزيد مخاوف الكليتصاعد القلق مع شهادة فيليب بيرنيية الصحفي اليساري الفرنسي أن بن بركة أسر له بمحاولة إختطاف حدثت بنوفمبر عبر شخص مغربي يسمى (الألشتوكي) حاول إقناعه بالعودة للمغرب -بعد رفض بن بركة عرض الحسن الثاني ليعود إبريل 1965 للمغرب- موهماً إياه أن الجزائر ستخطفه لتقايض به جنرال متمرد لاجئ للمغرب إلا ان بن بركة تجاهله و إختفى الألشتوكي .
 المزيد من القلق:
أوضح بيرنيية عن شخصية مدير شركة الصحافة الاوروبية للنشر (جورج فيغون) المريب الذي حاول تمويل فيلم بن بركة المقترح من أموال إسرائيلية و رفض بن بركة هذا التمويل و إرتاب بسبب خلفية فيغون السيئة السمعة و علاقاته بمن لهم صلة بالنظام في المغرب ، يؤكد بيرنيية أن فيغون تخلف عن الميعاد يوم 29 اكتوبر مع بن بركة الذي لم يأتِ مما يثير شك حول تورطه في إختفاء الخير ، و هنا تنفجر قنبلة بخبر زيارة خاطفة لباريس قام بها الجنرال اوفقير و مدير المن المغربي الديلمي  لباريس يوم إختفاء بن بركة مما يقفز بظن الاختطاف و القتل للقمة ، يتولى المراقب العام (موريس بوفيية) التحقيق ليجد إشارات لتورط فيغون و عميل لمكافحة الجاسوسية يدعى (أنطوان لوبيز) بالاختفاء ، يدلي بيرنييه بأقول إضافية يؤكد فيها أن الألتشوكي طرح عليه فكرة التعاون لإختطاف بن بركة مقابل 40 مليون فرنك فرفض بشدة مما دفع الأخير لإدعاء انه كان يختبره ثم إختفى تماماً ، يشير التحقيق لأن منطقة (فنتناي لفيكمت) ربما أُقتيد لها بن بركة و يشتبه بمكانن الول مزرعة لشخص صاحب سوابق يسمى (جورج بوشيزيش) مرتبط بالعميل لوبيز و الثاني فيلا لهذا الأخير حيث كانت بينهما حركة نشطة منذ أيام ، ينكر اوفقير أي تورط له بالامر و يبرر الزيارة لأسباب تخص الطلبة من عائلته بجنيف بينما يعود الأزموري للظهور و يدلي بشهادة كاملة يؤكد فيها غختطاف بن بركة أمامه و هروبه هو من المختطفين بمعجزة.

الحقيقة:
كان التفتيش الدقيق لفيلا جان دارك المملوكة للوبيز و فيلا جورج بوشيزيش بفنتناي لفيكمت لم تسفر إلا عن مزيد من الشكوك بكون احدهما كان مقر لإختطاف بن بركة و زاد هذا تأكيداً شهادات مختلفة من المكانين تورط لوبيز و تلغي حجج غيابه أثناء الحادث مما دفع الخير الذي إصدم بشهادة زوجته التي اكدت صلته الوثيقة ب المسيو بوشيزيش صديق طفولته و أن لوبيز حين سمع خبر إختفاء بن بركة بدا متوتراً و هرع من البيت مضيفة انها تعرف عبد القادر بن بركة الذي زار زوجها قبلاً ، كان يوماً حافلاً خاصةً مع انباء رحيل أوفقير و الدليمي المفاجئ للدار البيضاء و هو الأمر الذي لم يكن علمه لوبيز الذي بدأ التحقيق بالقول انه بناء على طلب الشتوكب سهل تنقلات فيغون و بيرنيين للتواصل مع المهدي بن بركة و ان فيغون اخبره عن نية إختطاف بن بركة و الحصول على مال وفير منه سواء بمساومة المغرب او خطفه لحسابهم ، و حاول لوبيز ان يغادر مكان التحقيق للذهاب لمكان إحتفال يقيمه أوفقير و الدليمي الآن مؤكداً انه سيوصل الشرطة للشتوكي إلا ان الشرطة رفضت ثم علم الكل بخبر رحيل أوفقير و الدليمي فجأة ليتداعى موقف لوبيز و يقر بكل شئ ، أقر بأنه شاهد المر كله الاختطاف و من كانوا حاضرين و ان شرطيين فاسدين قاما باأمر كله ثم تحدث لوبيز بانه بعد الاختطاف أبلغ اوفقير الموجود بالمغرب أن (الأمر تم) و أتى الأخير و الدليمي و تركهم لوبيز جميعاً و عاد لبيته و لاحقاً حين سأل بعض مرافقي اوفقير عن مصير بن بركة أشاروا بعلامة المسدس على الرأس.
تم التعرف على المتورطين بخطف بن بركة و صدر الامر بإعتقالهم و كذلك تم القبض على (الماحي) المغربي قريب اوفقير و متعاون مع الامن المغربي و متهم بالتورط بإختفاء بن بركة و إن انكر معرفته بالأمر و في شهادته اكد كل كلمة قالها لوبيز فأوفقير اتى يوم الاختفاء و غادر بمساعدة الماحي منذ ساعات قبل القبض على الأخير و تستمر القضية بالتفجر.

إعترافات شرطيين:
يتم التحقيق مع الشرطيين المشتبه بتورطهما في خطف بن بركة (سوشون) و (فواتو) ، يتضح أن هناك إتصالات بين مشتبه في تورطهم بخطف بن بركه و بين سوشون و كان فواتو مساعد سوشون سهل تجديد جواز سفر بيرنيية ، اكد سوشون بعده عن مكان الاختطاف وقت حدوثه و يكرر عدم معرفته بالمشتبه في قيامهم بالاختطاف ، يتم تفتيش مكتبه و شقته مع تضارب بين شهادة زوجته عن مكان زوجها يوم الاختطا و شهادته و شهادة فواتو مما يزيد الشبهات ، لم يستطع الازموري التعرف عليهما كتالشرطيين الذان إختطفا بن بركة ثم إنهار سوشون ليعترف بكل شئ ، أقر أن لوبيز يوم 28 إتفق معه على إختطاف بن بركه و إقتياده لأوفقير (للحديث معه) نافياً علمه بنية قتله و يوم الاختطاف أخذ مساعده فواتو و إقتاد بن بركة بسلطته الرسميه هو و مساعده إلى المزرعة بفنتناي لفيكمت حيث سلموه هناك موهمينه انهما شرطيين مخصصين لحماية الشخصيات الكبيرة لبوشيزيش ثم غادرا المكان ، فواتو مع إعتراف رئيسه إعترف هو الاخر و أمن على كلام رئيسه مؤكداً عدم معرفته بنوايا قتل بن بركة ، أحيلا للقاضي مع لوبيز و الماحي ، خلال ال 15 يوم اللاحقين تراكمت أدلة تربط لوبيز بالمملكة المغربية و اوفقير و كل اطراف عملية الاختطاف و تاكد بشكل نهائي تورط جميع المتهمين بالأدلة في الاختطاف.

في المغرب:
توجه فيليب مالو رئيس مكتب الوزير الفرنسي للشئون الخارجية للمغرب حيث التقى بالملك الخامس من تشرين الثاني ، عرضا على الملك كل شئ بما فيه غعترافات الماحي قريب أوفقير و طلبا من الملك إقالة الوزير المتورط ، قلل الملك من أقول الشهود و تحصن بإتفاقية امنية مغربية فرنسية تسمح بالتحقيق مع أوفقير بالمغرب مما كان بالطبع سيبرئه فوراً و يمنع محاكمته بفرنسا للأبد ، تم الاعلان رسميا عن إعتراض المغرب على مسار القضية يوم 10 تشرين الثاني و شن الملك هجوم عبر الصحافة على التحقيق مع قيام عبد القادر بن بركة بطلب ترحسل بوشيزيش من المغرب و إستدعاء أوفقير للتحقيق بفرنسا و بالفعل تخرج مذكرة قضائية مدعوة من الرئاسة الفرنسية بهذا الشأن ، يستمر الملك في موقفه و يستدعي سفير بلاه بفرنسا للتشاور مع إستمرار أوفقير في إنكار مسئوليته بالكامل ، يصدر محامو عبد القادر بن بركة مذكرة تفصيلية تؤكد تورط اوفقير في خطف و قتل بن بركة وسط إنكار دائم من اوفقير و المغرب لكل شئ و إنكار لوجود بوشيزيش بالمملكة.

لومارشان و بلفريج:
يأمر القاضي زلنغر بحبس بيرنيية لكونه على إتصال مباشر بأربعة من الخاطفين إحتياطياً و حجز لوبيز بالسجن الصحي بعد إضافته لنه كان مقابل دوره يتوقع منصب بإدارة الخطوط الجوية المغربية مضيفاً انه ساعد فيغون و بيرنيية و الشتوكي على تتبع بن بركة بالقاهرة و جينيف و يؤكد ان فيلم باستا كان حجة لإستدراج بن بركة لباريس ، ينكر بيرنيية كون الفيلم فخ و يعيد تأكيده انه أخبر بن بركة بطلب الالشتوكي بإختطافة و يفيد بشجار بينه و بين فيغون مما ينفي عنه التواطؤ ، يستمر إتهام بيرنيية بتأييد من عبد القادر بن بركة ، افاد لوبيز انه بعد غختطاف بن بركة جاء (أحمد بلفريج) ممثل الملك الشخصي إلى بيته و قابل اوفقير مضيفاً بأنه لاحقاً قابل فيغون نائباً فرنسيا من (الاتحاد الوطني من اجل الجمهورية) إسمه (لومارشان) متورط هو الاخر في تسهيل إختطاف بن بركة عبر دعم سوشون و فواتو رسمياً و تغطيتهما ، ينكر لومارشان أي مسئولية له و يستمر التحقيق في الاتساع و توريط أناس من كل مؤسسات الدولة الفرنسية في الاختطاف.

الأيام الأخيرة لفيغون:
كان القاضي زلنغر قد إنتقل مع عدد الاكسبريس الفرنسية سيصدر يوم 9 يناير و به شهادة فيغون  ليحقق بفيلا لوبيز و بوشيزيش و يجد ما يثبت أحاديث فيغون ، كان فيغون وقتها من يوم 10 يناير قد كذب كل ما روته الاكسبريس خوفا على حياته و أرسل للصحف بهذا الشأن منكراً أي تسجيل قديم له روى فيه الأمر (كان فيغون قدر روى الأمر منتصف ديسمبر لعدة أفراد قام احدهم بتسجيل كلامه و نشره بالاكسبريس) و متهماً الصحافة بمحاباة المفوض بوفيية ، حاول فيغون معرفة مصدر التسريب فلم يعرف موقناً أنه و قد روى الامر للبعض من رفاقه فحتماً احدهم سجل كل شئ ، كانت شهادة لوبيز تورط المزيد من الافراد كانوا على علم بالامر و لم يمنعوه كالمحافظ (موريس بابون) و (لو روا نيفيل) رئيس لوبيز ، شارل ديغول تدخل بنفسه بجلسة عاصفة مع مجلس الوزراء يوم 3 يناير و أمر بفضح كل شئ مهما كانت النتائج لتجنب فضيحة دولية ليعلن رئيس الوزراء يوم 13 يناير انه تم منح مطلق الصلاحيات لزلنغر حتى لو وصلت لإستجواب الوزراء انفسهم ، يطلب القاضي سرعة توقيف فيغون و يحقق مع زوجة لوبيز حول العلاقة المريبة بين زوجها و رئيسه نيفيل و يزداد تأكده من مراوغة لوبيز و زيف شهاداته الاولى قبل أن ينهار ، ثم كان إنهيار الشرطي سوشون و إقراره بكل شئ فهو قبل الاختطاف تلقى مكالمة تطمئنه للعملية أنها (رسمية) عبر مكالمة من شخص سمى نفسه (جاك أوبير) مدير مكتب وزير الداخلية (روجية فرية)  فطمأنه هذا الامر ليشارك بالاختطاف تماما كما روي من قبل ، لم يصدق رفاق سوشون تلك الشهادة و اكدوا ان من إتصل به و طمانه هو نفسه رئيس سوشون (سيمبي) و يعلنون التخلي عن دعم سوشون لنه كاذب وسط ضطراب هائل لحجم تورط المسئولين الفرنسيين الهائل بالامر مما يشير لفساد رهيب ضرب المؤسسة الامنية الفرنسية ، تظهر التحقيقات مع أوبير زيف شهادة سوشون ، تستمر المفاجآت حين يتداعى نيفيل و يؤكد أن لوبيز كان ينفذ الاوامر الصادرة له من مكتب مكافحة الجاسوسية -!!- و إنقلبت الدنيا و أستدعي الكثير من قيادات الجهاز للتحقيق و كل طرف يبرئ نفسه و يلقي الاتهام على الاخ بينما القاضي مصاب بالدهشة من كم ما يراه.

رواية فيغون الأخيرة:
بدأ فيغون حملته الصحفية لدعم روايته الخاصة عبر صحيفة مينوت التابعة لشركائه مدعياً انه كُلف من المغاربة بقتل بن بركة لكنه لم يفعل و تلقى عربون لفعل لم يكن ينوي القيام به و ان المغاربة فعلوها هذه المرة دون تورطهم عبر رجال المخابرات المغربية ثم لرداءة قصته يطلب عدم نشرها و يتراجع عنها ثم يعيد تعديلها لتتناسب مع موقفه ، لاحقا عثرت الشرطة في شقة تخص فيغون على اوراق فيلم باستا بتوقيع بن بركة و فيغون الذي يتهم الشرطة بتوريطه ، عبر رجل عصابات فرنسي يسمى (زوريتا) صديق لرجل أعمال مغربي متعاطف مع بن بركة بدأ زويتا يروي ما قاله له فيغون كتمهيد لشهادة حقيقية كاملة كان ينتويها ثم إختفى قبلها خوفاً و تتلخص الشهادة في ان بن بركة في فيلا بوشيزيش تم طنعه بالخنجر للموت بيد أوفقير بينما كان قبل وصول اوفقير يتصور انه في قبضة الشرطة الفرنسية ، لاحقاً بيناير أقر فيغون بكل شئ فبن بركة تم أخذه بهدوء متصور انه بقبضة الشرطة الفرنسية بإنتظار مسئول فرنسي ما إلى فيلا بوشيزيش حيث تم وضعه بالقبو و مازال يتصور انه بقبضة الفرنسيين فأثنى على ديجول ثم بدأ في الحديث عن فساد الشرطة المغربية لاحقا أتى أوفقي و الدليمي مصران على قتله و دفنه بالحديقة ، حين يدخل الكل عليه ينتبه للحقيقة و يحاول المقاومة فيضربه الفرنسيون الموجودين خاصة مع تجمده حين رأى الدليمي ، يدخل  اوفقير الذي أخذ خنجر موجود بالفيلا و يبدأ بتعذيب بن بركة وخزاً بالخنجر ثم يتفقون على نقله بعربة إسعاف إلى فيلا لوبيز و هناك يصل بن بركة في غيبوبة ثم أفاق ليكمل أوفقير تعذيبه و في النهاية إنهال عليه أوفقير طعناً حتى قتله ، يتضح تورط مفوض بالمخابرات الفرنسية هو الاخر يسمه (بتي جان) و يستمر التحقيق إلى أن يحدث ما كان متوقعاً حين يتحدث فيغون لرفاقه أنه يوم الاثنين 17 يناير سيقابل شخصية هامة جدا و يُعثر عليه يوم 17 مقتولا في إستوديو مهجور برصاصة في الرأس.

إنتحار مشبوة:
كان البيان الرسمي (إنتحار) فيغون مع تضارب حول وقت إتصال (مجهول) يخبرهم بمكان فيغون المطاوب إحضاره و الهارب من العدالة بعدة أماكن آخرها لدى صديقة له تركها لحضور مقابلة مع صحفي ألماني لم يعد منها أبداً ، تثار الشكوك حول هل غنتحر الشاهد الأول على مقتل بن بركة ام انه تم إنتحاره خاصة مع تضارب اقوال بواب البناية و أفراد الشرطة حول ظروف الدخول للشقة و فحص الجثة كذلك مع وجود نافذة خلفية للمكان تسمح لقاتل خفيف الحركة بالهرب بعد قتل فيغون ، يتم الاعلان رسميا عن وفاة فيغون نتيجة الانتحار ، يستمر الطب الشرعي في التضارب فبينما يتحدث عن الانتحار تظهر دلائل تطعن في إمكانية حدوثه و خاصة لعدم وجود أثربارود على يد فيغون ، ثم يخرج النائب العام بيان يعلن عن أن وفاة فيغون نتيجة إنتحار و تستمر الشكوك في الأمر مع دفن فيغون و إنتظار المزيد حول القضية التي فقدت ركن أساسي فيها بموت الشاهد الأول في ظروف غامضة.

رسالتين:
بالأيام التالية تلقى زلنغر رسالتين الأولى من بوشيزيش من فرانكفورت يؤكد أن إختفاؤه هرباً من مصير فيغون نافياً أن يكون بيته مكان أقتيد له بن بركة متهما لومارشان بقتل فيغون و بالطبع لم يلتفت زلنغر لهذا الكلام ليتلقى في شباط رسالة ثانية من مجهول سمت نفسها بصديقة مجهولة لفيغون تتهم لومارشان بتوريط فيغون و التسبب في مقتله خوفا من أن يشهد على دور لومارشان منذ البداية و أضافت أن مقال الاكسبريس من تدبير لومارشان حتى يثير كل المتورطين ضد فيغون و يدفعهم لقتله للخلاص منه عبر تسجيل حديثه إلى رجل قدمه له زوريتا على أنه من المعارضة بينما هو من الاكسبريس (هذا يفسر مقال الاكسبريس) ، لاحقا طلب فيغون من لومارشان 10 ملايين فرنك و جواز سفر للفرار متهما لومارشان بتوريطه و محذرا إياه أنه (فيغون) سيأخذه للسجن ، تؤكد المجهولة أن لومارشان مارس ضغوط على الكل حتى عرف مكان إقامة فيغون تمهيداً لقتله تخلصاً من الشاهد الوحيد على دوره (دور لومارشان) في قتل بن بركة خاصة مع سهولة تنصل فيغون من مقال الاكسبريس و قلب الطاولة على رأس لومارشان ، تنتهي الرسالة بشرح لما كان فيغون سيفعله و يقدر عليه و به يقلب الطاولة على الكل مختومة ببصقة إحتقار للومارشان.
..
لن اطيل.. أدين أوفقير و أربعة آخرين و حكم عليهم بالسجن مدى الحياة و لم يستطع أحد لمس أوفقير.. حكم على لوبيز و الشرطيين ب 8 سنوات.. أجبر بابون على الاستقالة.. و لم يعثر أحد على جثبة بن بركة أبداً.. أوفقير قرر الانقلاب على مولاه الحسن الثاني فأشرف الحسن الثاني على قتل أوفقير بيد الدليمي ! الحسن لا يثق بالدليمي فأمر بقتله على هيئة حادثة سيارة.. الضابط نصف الفرنسي نصف المغربي جاسوس المخابرات الامريكية اوفقير جسد فان اما بن بركة فهو روح تأبى الفناء.

البحث عن سميح سانكار بالجيش المصري..


كيف يمكن للجيش أن ينقلب على(الشرعية)؟..يسأل الإخوان
كيف يمكن للجيش أن يصحح مثار (الثورة)..يسأل الثوريون
كيف يمكن للجيش أن يسقط (الفاشيون)؟..يسأل فاشيون متخفيون
أين نجد بالجيش سميح سانكار ..أسأل انا ! (المصطلح السليم سُنجر لكن كتبتها سنجر لقيت تركماني بيقولي سانكار كتبتها سانجار قالولي فارسي كتبتها سنكر قالولي بايخة ، مشيتها ترجمة جوجل كحل وسط !!!)؟
..
* تبدأ القصة في عام 1975 حين قرر السادات لأسباب شخصية بحتة أن يحول مصر من التسليح و الحلف الشرقي لنظيره الغربي بادئاً بالأهم من وجهة نظر الأمريكيين الجيش ، في هذا العام بدأ سياسة (تنويع مصادر التسليح) و المقصود بها إلقاء السلاح السوفيتي للقمامة (أو لأماكن أخرى) و شراء سلاح آخر غربي تحت بند التنويع و بين العامين 1975 و 1979 كان التركيز على تبديل سلاح الجو المصري بطائرات امريكية بديلة عن السوفيتية لضمان خضوع أهم أسلحته للنفوذ الامريكي مع تنازلات فجة من السادات دفعته مثلاً لقبول عدم توريد طائرات مقاتلة هجومية متقدمة من طراز F-5A لمصر امريكياً بديلاً عن نظيرتها السوفيتية MIG-23 التي منحها لنا السوفييت عام 1975 (رسمياً) و منحنا نسختين منها للأمريكان و كل هذا الهراء تحت شعار عدم إعاقة السلام -!- و أورد جيمي كارتر التفاصيل في مذكراته .
* مع العام 1979 إلى 1989 و بحقائق إتفاقية السلام تم تحويل تسليح الجيش المصري إلى الجانب الأمريكي في عدة أسلحة كالدبابات مثلا و الدفاع الجوي في بعض منه (إلى اليوم أهم وسائل الدفاع الجوي بمصر من طرز روسية  سام-9) لتتحول سريعاً تدريبات و ثقافة و معدات الجيش بمختلف فروعه إلى الجانب الأمريكي متحولاً بهذا من جيش جاهز للقتال في أي لحظة ضد إسرائيل مثلاً إلى بلد مشلول امام أي عمل عسكري ضد الدولة العبرية بحكم نوعية التسليح الأمريكي الذي سيغلق فوراً لو حدث الأمر بل المهم أن إسرائيل شخصياً تتدخل في تحديد نوع و كم السلاح المصري كضمان نهائي لخضوع العسكرية المصرية لها في إطار التعهد الامريكي لها بالحماية و الدعم و ضمان التفوق المطلق على كل الجيران في ولاية جونسون و ذلك عكس الموقف في جيوش اخرى كالسوري و الإيراني (مما يفسر الكثير) .
* مع عام 1989 إنضمت مصر لمنظمة MNNA أو Major non NATO ally و هي منظمة تابعة للناتو تشمل مصر و إسرائيل معاً -!!- و دول اخرى تمنحهم مزايا الحصول على فائض السلاح الامريكي و الدخول كمشارك في بحوث البنتاجون و بعض التكنولوجيا الحديثة وحق الحصول على قذائف اليورانيوم المنضب و هو مالم يحدث أبداً مع مصر بالاضافة إلى (قروض عسكرية اخرى) و تدريبات مشتركة أما المقابل فهو (كما أراه في تحليلي الشخصي) ألا يتم إستبدال سلاح غربي بشرقي أو إستبدال سلاح شرقي بشرقي بل دوماً التبديل لصالح سلاح غربي و لعل نموذج تغيير غواصتين من طراز روميو الصيني إلى طراز 206 الألماني (ناتو) خير مثال و لذا مع عام 1989 تم التحول النهائي للسلاح الغربي.
* كان فائض السلاح السوفيتي بمصر له طريقين ، الأول منحة لأمريكا عبر السادات من احدث طائرات السوفييت و صواريخهم الدفاعية (ميج23 و سام6 و غيرها) كهدية بلا مقابل لكشف أسرار أسلحة السوفييت و معها كشف كل جيوش العراق و سوريا و الجزائر أمام الغرب -!!- أما الثاني فهو البيع إذ مارست وزارة الدفاع عبر وزارة أبو غزالة بتوجيهات رئاسية بيع السلاح  للعراق بأضعاف الثمن أثناء حربها مع إيران و إلى (المجاهدين) في أفغانستان تحت شعار مكافحة الشيوعية كبائع سلاح مثل غيرها ، ووسط هذا حالات مؤسفة من الرشاوى و العمولات ساهمت في فوحان لرائحة سيئة إنتهت عام 1989 مع نهاية حرب إيران و العراق و نهاية وزارة أبو غزالة الذي كان ملف وزارته في بيع السلاح مع أسباب اخرى سبب لخلعه من الوزارة بتشجيع امريكي و تخوف من وزير ربما لديه ميول ما اكبر من خطوط قيادته السياسية.
* الآن مع هذا كله هل الجيش الذي يعتمد على سلاح الامريكان و تكنولوجيا الغرب مستعد للخروج على القرار الامريكي بدعم الاخوان ، هل الجيش مستعد لإنقلاب يقود لحظر سلاح على الجيش و فتح باب إنقلابات جديدة كما حدث بسوريا منذ حسني الزعيم و إنقلابات شركات النفط الانجليزية و الامريكية ، هل الجيش به شخصية قوية تقرر تحويل التسليح للروس و الصينيين و الخروج من بيت الطاعة الأمريكي كقرار حتمي مرافق للإنقلاب ، هل هناك ضابط بالجيش لا يعرف أن  الاخوان ليسوا مشروع مصري فقط ليرحل الاخوان من مصر و أن الاخوان مشروع إقليمي كسلسلة متكاملة من المغرب لتركيا و مستحيل إزالة أهم حلقة فيه لصالح جيش سيكون معادي للإخوان و معادي للحلف و أن قيمة الاخوان اكبر من قيمة مبارك فهم مشروع إقليمي كامل و ليس مجرد نظام داخلي ، هل هناك بالجيش من يجرؤ و هل هناك من جرؤ في جيش آخر من قبل؟؟
..
و يسألونك عن سميح سانكار !
* تركيا..
منذ عام 1943 تغيرت سياسات تركيا الخارجية و لم تعد محايدة بشكل واضح بل منحازة للغرب ضد الشرق و مع عام 1952 باتت جزء من حلف شمال الاطلنطي محققة واقع مؤسف من تبعية (تضاعفت في عهد إردوغان لمرحلة الانبطاح لأمريكا) للغرب سياسياً و إلى حد ما إقتصادياً (إقتصادياً بالذات بعد إنقلاب 1980) و بالتالي الجيش التركي مثله كالجيش المصري شكلاً لكن بمزايا:
-1- لا احد يجرؤ على التخلي عن الجيش التركي لظروف الحرب الباردة خوفاً من تغلغل سوفيتي بالبوسفر.
-2- الغرب لم يجد سياسيين مأمونيين للحكم بديلاً عن حكم الجيش من وراء الستار تخوفاً من تغلغل سوفيتي.
-3- تركيا عضو ناتو له أصدقاء بالناتو كفرنسا يوازنون الضغط الامريكي (قبل 1991 طبعاً).
لذا شكلاً يمكن وضع الجيشين في خانة واحدة لكن الزظرف الدولي المختلف و الجغرافي المختلف يجعل المقارنة صعبة لكن النموذج مهم..
* كان سميح سانكار Semih Sancar هو قائد أركان الجيش التركي من 6 مارس 1973 إلى 7 مارس 1978 (و المقال متوافق مع مناسبة توليه و رحيله) و قد تولى عام 1973 وسط أزمة كبرى بقبرص الواقعة تحت النفوذ الإنجليزي و اليوناني (قبرص عثمانية منحها السلطان عبد الحميد الثاني لإنجلترا ليصاب بالعمى و الخرس كل الاسلاميين عن هذه الواقعة) المترافق مع الانقلاب العسكري اليوناني 1967 و إضطرابات مختلفة بقبرص إنتهت بإنقلاب آخر بقبرص مدعوم من المجلس العسكري اليوناني وضع مصالح و أقلية الاتراك بالجزيرة في تهديد ، كان سميح سانكار خلف (عمر فاروق جورلر) في المنصب و التهديدات بغزو الجزيرة لحماية المصالح التركية ، إنجلترا رفضت تماماً أي تمدد عسكري تركي و امريكا كانت واضحة بأن أي نفوذ عسكري من عضو بالناتو بشكل غير شرعي بالجزيرة غير مرحب به و سيواجه عقوبات ، سميح سانكار كان له رأي آخر.
* مع حدوث الانقلاب بقبرص ضد مكاريوس و تصاعد نفوذ اليونان قررت تركيا فوراً الهجوم و دون خوض تفاصيل العمليتين عام 1974 إنتهى الأمر بدخول قوات الجيش التركي و تبادل المذابح بين اليونانيين و الاتراك بالجزيرة و خصومة بين امريكا و تركيا و بين إنجلترا و تركيا بإعتبار إنجلترا صاحبة الوصاية على الجزيرة منذ منحها لإنجلترا السلطان عبد الحميد الثاني ، قررت امريكا عقاب تركيا بتعليق تصدير السلاح للجيش التركي و الضغط الاقتصادي عليها (و الذي لم يستمر كثيراً لظروف الحرب الباردة) و حصار جمهورية شمال قبرص التركية مع مقاطعة كاملة لها ، لم تهتم قيادة الاركان بشئ و إستمرت في مسارها معتمدة على تأييد شعبي كبير لها و إستحالة الدعم العسكري الغربي لليونان المتهالكة إثر سقوط المجلس العسكري اليوناني.
* هنا سميح سانكار قام بشيئين:
-1- تحدي الإدارة و الإرادة الأمريكيتين و قرر مع أركانه غزو الجزيرة.
-2- الجيش التركي نجح في رسم خطة تقرأ الاحداث الدولية و حسب كيف يتصرف دون ضرر كبير.
السؤال: هل بالجيش شخصية سميح سانكار؟
السؤال: هل بالجيش شخص سميح سانكار؟
الجيش المصري في واقع إقليمي مختلف وواقع دولي مختلف لكن يمكن لو توافرت قيادة عسكرية لا تتبع السفارة الامريكية في حالة خلو مقعد الرئاسة (كما حدث بعد 11 فبراير 2011) فربما نجد قرار كقرار سميح سانكار.
الجيش المصري لو قرر تصحيح كارثة السادات سينقذ نفسه و تسليحه لكن سيواجه تحديات لا يمكن الصمود امامها بدون شيئين الأول إرادة شعبية لا تنهار تحت اول ضغط و إعلام يريد الخلاص من النفوذ الامريكي قبل النفوذ الاخواني اللصيق به ، الجيش المصري لا بد ان يبحث عن سميح سانكار داخله يقود الخلاص من مأساة 1975 و معها الخلاص من حكم عصابة الاخوان ، الجيش المصري عليه تعلم درس 1974 بقبرص فخطة تراعي الظرف الدولي ستنجح و نموذج صمود الرئيس بشار الأسد بين للكل في مواجهة سرعة هزيمة القذافي لأن الأول قرأ الوضع الدولي و لم يستسلم كالقذافي عام 2004 فالجيش لا بد له من خطة سياسية خارجية و داخلية يبدأ تنفيذها في ضربات متوالية صاعقة لينجح فلا مجال لشهور من الانتظار و التفاوض فكل شئ لا بد ان يكون معداً بشكل سري لينفذ فوراً كما حدث مع سميح سانكار تماماً ، على الجيش الاستعداد لموجة عنف إسلامي مسلح بحجة (الجهاد) و هي الكلمة البذيئة التي ترافق كل مسعى للحكم من أبناء اللحى ، على الجيش ان يعي الهم و هو ان الحكم العسكري فاشل مهما كان مؤيداً في البداية شعبياً فمسار الدولة الديموقراطي هام كأهمية الخطة التي سيعمل بها.
و الان..هل هناك سميح سانكار بالجيش؟
..

دفاعاً عن أصدقائنا السوفييت


 
لماذا أكتب عنهم و قد إنتهوا و باتت الموضة الحديثة الهجوم عليهم و على تاريخهم و إستبدادهم .. لا أعرف ، لكنه نوع من رد الجميل لأصدقائنا القدامى في موسكو فتاريخنا ما كان ليحتمل حرباً واحدة بدون سلاحهم و لم نكن لنمرر قرار واحد بدون تضامنهم الدولي و لم نكن لنصنع أي مشروع عملاق بدون قوتهم الفنية و المدنية ، إنهم أصدقاؤنا السوفييت الذين منحونا السلاح وقت رفض تسليحنا من الغرب دون شروط مسبقة ، إنهم أهل موسكو الذين بنوا معنا السد العالي الذي إشترط البنك الدولي سياسيا ما لا يحتمل لدعمه ، إنهم الحُمر الذين لولاهم ما وجدنا مجمعات صناعية كبرى بمصر كالحديد و الصلب -مثلا لا حصراً- و لبقينا كما وصفنا تشرشل فلاحين نرعى بأرض الباشوات لنجمع بمصر تفاوت بين الفقر المدقع و الغنى الفاحش ، لنقل إنه تحيز مني للتاريخ فأنا أؤيد محوراً و أذكر تاريخه كاملا بلا تجميل كما أراه و لا يمكنني أن أنسى دولة لولاها ما صدمنا شهراً واحداً في أي حرب مما خضنا ، إنه تحيز لدولة ظلت تمد لنا يدها (بكل عيوبها و مصالحها) في وقت كان الآخرون يمدون لنا النار لتضربنا بقوة ، إنه تحيز لرجل يسمى خورشوف و آخر يدعى بيرجنيف كانا لنا أفضل من فيصل و الحسن -مثالا لا حصرا- و من ورائهما كسينجر و جونسون و نيكسون -مثالاً لا حصراً- ، إنه تحيز لمنطق نغيبه و دعاية سوداء ساداتية و بترودولارية تريد طمس تاريخ و حقيقة..إنه تحيز للتاريخ كما يجب أن يكتب و تحيز لصديق رحل عنا يسمى الاتحاد السوفيتي.
بدايةً لنسأل أنفسنا ما رأي السوفييت وسط هجوم العرب على سياساتهم و إتهامهم لهم بالتقاعس عن دعمهم؟
أجيبكم بالنقاط العشرة الشهيرة عن شكوى السوفييت من العرب:

-1- لا أحد من العرب يجئ للسوفييت إلا بعد أن يتوجه للغرب و يتوسل له و حين يرفضه الغرب -بمن فيهم عبد الناصر- يجيئون للسوفييت مضطرين.
-2- كلما أتى العرب للسوفييت عادوا ليفاوضوا الغرب محولين زيارتهم للسوفييت لعامل ضغط لا أكثر -مثل عبد الناصر من 1955 الى 1956- و تركزون على الاختلاف العقائدي معنا كسوفييت في رسالة مستترة منكم للغرب عبرنا.
-3- كلما زار زعيم عربي موسكو عاد ليعتقل كل الشيوعيين كصك  براءة يعطيه للغرب -عبد الناصر نموذجا- و العرب وحدهم من يفعل هذا.
-4- كلما أتى زعيم عربي لنا بموسكو فتح ملف المسلمين السوفييت و لا يفعلون هذا مع أي بلد آخر غربي أو شرقي.
-5- حلفاؤنا العرب يخونون اتفاقاتنا معهم كأننا أغبياء و أفضل مثال توسيطنا للسادات لينقذ حياة الشفيع (نقابي سوداني معتقل) فاتصل السادات بالنميري ليحرضه على اعدام الشفيع -!!- و بعدها تحدث لموسكو ليؤكد لهم انه طلب منهم الافراج عنه -!!- كأن السوفييت لا يقدرون على التنصت على كل محادثات العالم.
-6- السوفييت ليسوا تجار سلاح بل يبيعون السلاح لأصدقائهم أما العرب فيتعاملون مع السوفييت كبائع سلاح محترف فيطلبون أنماط و أنواع و مستوى يتناقض مع الموقف السياسي السوفيتي (نقطة سأناقشها الآن).
-7- يتعمد العرب أن يعلنوا عن هزيمتهم بسبب السلاح السوفيتي و هذه جريمة حقيقية ردها ببساطة أن إعطونا بلد واحد بخلاف العرب قاتل بسلاحنا و هزم من شرق أوروبا لجنوب شرق آسيا لأمريكا الجنوبية بل إن إنتصار العرب عام 1973 تم بسلاح سوفيتي هزم السلاح الامريكي فالمشكلة عربية و ليست سوفيتية.
-8- مع الغرب تتفهمون مشكلاته و ظروفه و ضغوطه بينما معنا لا تتفهون أي شئ و لا تهتمون بظروفنا و تتجاهلون احتياجاتنا تماماً.
-9- بعد كل ما قدمه السوفييت للعرب لا يستثمر العرب دولار واحد بالاتحاد السوفيتي بحجة الفيتو السعودي ، أليست هي نفسها السعودية التي تسولت من السوفييت عامي 1926 و 1936 القمح و المال و منحناهم لها بكل ود و كان وسيط السعوديين و ضيف موسكو هو فيصل ملك السعودية شخصياً ، أين كان العداء وقتها؟!
-10- كلما سنحت فرصة للعرب لعلاقات مع الغرب التحقتهم بهم و هذا حقكم لكنكم مع هذا الالتحاق تركلوننا كأننا لم نساعدكم و بكل برود سياسي تتجاهلوننا.
 و الآن لننتقل لأهم مشكلات العرب مع السوفييت:
-1- السوفييت لا يساعدوننا بما فيه الكفاية في سبيل التصالح مع الولايات المتحدة:
متى إكتشف العرب هذا الامر؟ .. السوفييت يصالحون الغرب بحدود ضيقة منذ عهد نيكيتا خورشوف أي منذ قبل حتى صفقة السلاح التشيكوسلوفاكية نفسها ، السوفييت بقدر ما يريدون الوفاق فهم يساعدون العرب ألم يكن الوفاق وقت الخمسينيات و الستينيات كالسبعينيات؟ .. هل هذا الوفاق مرة واحدة فقط منع مساعدة سوفيتية؟ .. هل هذا الوفاق منع دعم سياسي أو عسكري ؟ .. مشكلة العرب أنهم يتعاملون مع السوفييت كأن لا مصالح لهم و لا سياسة خارجية و لا أي شئ فالمطلوب أن يحدد العرب للسوفييت ماذا يفعلون في سياساتهم الخارجية تجاة الغرب بينما هم أنفسهم كعرب يفاوضون الغرب سراً بل و يقمعون الاحزاب الشيوعية في بلادهم و يمنعون أي نفوذ سوفيتي ببلادهم ، الأمريكيين أيضاً كانوا يضغطون على اسرائيل في سبيل التوافق في حالات عدة أختار منها حالة محددة هي طلب إسرائيل عبر جولدا مائير ضربة اجهاضية يوم 5 أكتوبر 1973 للحشود المصرية على سيناء و رفض كسينجر لأنه لا يريد لإسرائيل أن تكون البادئة حسب إتفاق الوفاق الذي يمنع أي طرف من دعم الطرف المعتدي أليس هذا تحجيم دفعت إسرائيل ثمنه غالياً اليوما التالي مباشرة؟ .. هل في وقت الحرب تأخر السوفييت عن دعم العرب؟ .. هل في لحظة واحدة فعل السوفييت مع العرب ما فعله السادات معهم؟ .. إن التدخل في السياسات الخارجية السوفيتية لا يقابله من العرب سماح بأي توجيه سوفيتي لهم و عملياً ما طلبه العرب في حدود الممكن فنياً و عسكرياً تم تلبيته.
-2- السوفييت يمنحوننا السلاح درجة ثانية تقنياً عكس أمريكا التي تمنح أفضل ما عندها لإسرائيل:
مبدئياً فسلاح إسرائيل كما هو لم يتغير منذ حرب السويس 1956 إلا بترقية معتادة تحدث للسلاح السوفيتي أيضاً  بإستثناء نوع من الطائرات الفرنسية  IAI nesher منح لإسرائيل عام 1971 فنقطة السلاح الاحدث لو راجعنا سلاح اسرائيل عامي 1967 و 1973 لوجدناها دعاية غير سليمة  كذلك يتصور العرب أن السلاح الحديث ممكن إستبداله بسهولة ببالسلاح القديم خصوصا بسلاح الطيران ، مثلا طائرة ميج-23 حديثة حتى تعمل يجب أن تتوافر لها قاعدة أرضية حديثة للإرسال و المتبعة و تبادل التعليمات و التوجية الخ الخ و هذا لا يتوافر لدى العرب و يحتاج أعوام من الحشد و التدريب لكن العرب يريدون أحدث ما لدى السوفييت مما لا يمكنهم التعامل معه ، كذلك تحدث مفارقة غريبة اذ يعلن السوفييت عن طائرة أو دبابة حديثة فيكون مطلوب من السوفييت منها للعرب فوراً -!- هكذا بدون سنوات اختبار و عمل و دراسة كأنها سيارة لا قطعة حربية و لو اعترض السوفييت يواجهون باتهامات عربية فوراً ،  و مع هذا حين يمنح السوفييت أحدث نمط للعرب فهل يقاتلون به ؟ .. في عام 1967 فر من سيناء الجيش المصري تاركاً أحدث الاسلحة السوفيتية لتسقط بيد إسرائيل و تنقل جواً لأمريكا التي درست تصميمه كاملاً ، هل الآن من حق السوفييت أن يترددوا في منح مصر أحدث ما لديها -كمثال- أم لا  ألا يحق للسوفييت أن يخافوا من حرب جديدة من هذا النمط تطيح بأي سلاح جديد بيد مصر لتمنحه للغرب ، مصر حصلت عام 1974 على طائرات ميج 23 حديثة فمنحتها عام 1978 مع بطاريات سام-6 و 7 و مولوتكا الى أمريكا كهدية للدراسة الحربية -!!!!!- في موقف أقل ما يسمى به أنه حقارة تدمي قلب كل سوفيتي ساعد العرب طيلة 20 سنة  ، سؤال أخير ألم تقاتل الهند ضد باكستان بسلاح سوفيتي و قاتل الباكستانيون بسلاح أمريكي و انتصر الهنود و انتصر الفيتناميون الشماليون الخ الخ إنها مشكلة عربية بحتة  ، مع هذا تم منح قبل أي حرب الاسلحة المطلوبة للعرب و بدلاً من الشكر يواجه السوفييت بنفس الاتهامات بالتقاعس!
1967:


1973:


-3- السوفييت لا يتضامنون مع العرب كما ينبغي أو على الاقل كما يفعل الامريكان و الإسرائيليين:

هنا لا أملك إلا ضرب كفاً بكف ، مقارنة إسرائيل بأمريكا تعني منح السوفييت ما يمنحه الاسرائيليون لأمريكا مقابل منح السوفييت للعرب ما تمنحه أمريكا لإسرائيل و خلاف هذا سيكون مهزلة ، كم دولة عقدت معاهدة صداقة مع السوفييت توازي معاهدات استراتيجية اسرائيلية أمريكية؟ .. العرب و على رأسهم عبد الناصر تنصلوا منها و لم يفعلها الا السادات و بعد حرب اكتوبر الغاها -!- ، كم بلد سمح للشيوعيين بالعمل السياسي؟ .. بإستثناء سوريا -و في حدود ضيقة- لم تسمح لهم أي دولة بالعمل بل و قمعتهم بينما النشاط الاسرائيلي السياسي حر و به كل مناحي الاحزاب الداعمة للرؤية الامريكية ، إن هذه النقطة تفترض أن يقوم السوفييت باعطائنا ما يعطيه الامريكيون لإسرائيل ثم لا نعطيهم ما تعطيه اسرائيل لأمريكا كأن السوفييت خدم لا قوة عظمى.
-4-السوفييت يريدون دول عربية مهزومة ليتحكموا فيا:
متى و كيف توصل العرب لهذا الاستنتاج؟ .. هل السوفييت يريدون نظام مهزومة و بالتالي سمعة سلاحها السوفيتي مدمرة و نظمها الموالية لموسكو مزعزعة أمام إسرائيل المنتصرة بسلاح أمريكي؟
متى و كيف توصل العرب لهذا هل أثناء شحنهم بالسلاح من 1955 الى 1967 أم حين أرسلت كتائب سوفيتية بجنودها و ضباطها للدفاع الجوي لمصر عام 1970 و طائرات هي الاحدث لم تستخدم رسمياً حتى بأسطول الاتحاد الجوي بطياريها (نلاحظ هنا تطبيق عملي لمشكلة طلبيات السلاح الأحدث فالعرب لا يملكون خبرات تقنية للتعامل معه) المقاتلين.
متى و كيف عرف العرب هذا هل حين تابعوا انتصار الهند المستمر بالسلاح و الدعم السوفيتي أم حين تابعوا انتصار الفيتناميين بسلاح و دعم السوفييت أم حين تابعوا بقاء كوبا الشيوعية بدعم و سلاح السوفييت ، هل هناك بقعة في العالم بخلاف العرب توصلت لهذه النتيجة التي تضرب مصالح السوفييت في مقتل؟ .. العجيب أن تطبيق هذه النظريات يدمر مصالح و سمعة السوفييت أنفسهم !
-5-السلاح السوفيتي لا يصل في موعده للعرب:
هل يعرف العرب كم دولة يمولها السوفييت بالسلاح؟ .. 30 دولة بشكل مباشر !
هل يعرف العرب كم يحتاج السوفييت لصناعة السلاح فقط؟
هل يعرف العرب معنى أن يرسلوا سلاح متطور مطلوب لهم عام 1971 (عام اتهام السادات للسوفييت بمنع السلاح) بينما يتجاهلون مطلب الهند بنفس العام و هي تحارب ضد باكستان؟
ألم يسمع العرب يوماً عن الهجوم المستمر عليهم من حكومات أوروبا الشرقية لأنها تفضل العرب و بالذات سوريا و مصر عليهم بينما هم شيوعيون و العرب مناهضين للشيوعية و يسحقون أحزابها؟
من السخيف حقاً ألا يتفهم العرب ظروف السوفييت و محدودية قدراتهم امام طلبات لعشرات الدول بل ووقت الحرب بينما مصر عام الازمة 1971 ترفل بنعيم مبادرة روجرز و الهند تتطاحن مع باكستان.
حين طلب السوفييت قواعد عسكرية في البلاد العربية قوبل الطلب بالرفض و كان هذا وحده السبيل الممكن لنقل السلاح الحديث برجاله و أُسسه للعرب لحين توفير نماذج اخرى تخصص للعرب و ترحل القوات السوفيتية.
متى أصلاً أخبر العرب السوفييت بأنهم سيقاتلون و طلبوا سلاح ثم رفض أو تقاعس السوفييت ، هل مصر حددت موعد للحرب سراً للسوفييت مثلا و رفض السوفييت منحم السلاح فوراً على حساب غيرهم؟ .. كلا انهم فقط يطلبون و يريدون تفضيلهم عن الهنود الذين يخوضون حرب فماذا نتوقع موقف السوفييت؟
الجيش الاحمر في كل مكان يحتاج تخحديث مستمر لقواته و هذا فقط يخفض بشدة أي كميات سلاح ممكنة و مع هذا أرشل السوفييت عامي 1970 و 1972 أسلحة من مخزونهم الاحتياطي لمصر و سوريا و لم يقابلهم الا السباب.
-6-السلاح السوفيتي غالي الثمن:
بحق؟ .. شئ مثير جداً أن نجد العرب يتحدثون عن غلو السلاح السوفيتي بعد أن إشتروا السلاح الأمريكي الحديث الرائع..
لقد إشترت مصر -كمثال- سلاح شرقي طيلة 20 عام من 1955 الى 1975 بقيمة 1500 مليون روبل سدد منهم 500 مليون ( تقديرات اخرى ترفع المسدد لمليار بفض فوضى الارقام) و لم يسدد الباقي -!- و كان حوالي 100 مليون روبل لم يسددوا نقداً بل بضائع.
لقد إشترت مصر -كمثال- سلاح أمريكي طيلة 6 سنوات من 1975 الى 1981 بقيمة 6400 مليون دولار -!!- تحولوا لديون كادت تفلسنا لولا أن خصم 40% منها مقابل الاشتراك المصري في تدمير العراق عام 1991.
السؤال الآن من أرخص من من ، السؤال الاهم لو حصلت على سلاح غربي هل كنت لتحارب إسرائيل به؟ .. هل كان الامريكان ليمنحوك سلاح حديث درجة أولى -كما نقول دوماً- هل كان الامريكان ليدعموك سياسياً ضد إسرائيل هل كان الامريكان ليبيعوك سلاح بهذا الثمن -الغالي- 1400 مليون فقط؟
..
الخلاصة:
وفر السوفييت لنا:
-1- دعم سياسي كامل ضد إسرائيل.
-2- سلاح بثمن قليل و متوفر لقتال إسرائيل بلا قيود.
-3- تقنية صناعية متاحة بلا حدود ساهمت في مشاريع أهمها مجمع الحديد و الصلب و كل كهرباء الريف و السد العالي.
-4- وقت كل أزمة كان السلاح السوفيتي متوافر فوراً حتى لو سحب من مخزون الجيش الاحمر.
-5- قبل أن تنقد السوفييت إسأل فنسك هل كان هناك بديل ؟ .. هل السلاح الامريكي كان خيار أفضل بمعنى هل سيحقق أكثر من النقاط الاربعة السابقة؟

الشيشان .. جريمة الوهابية التي لا يعرفها الكثير


 
بالتأكيد سمعتم عن الشيشان كمأساة إسلامية في وسط آسيا ، حتماً قرأتم ذات يوم عن الإحتلال الروسي لهذا البلد ، ربما تكونوا قد إهتممتم و تعاطفتهم لكن هل هناك أحد ممن يقدمون لكم قصة الشيشان في إعلامنا العربي أخبركم بكل شئ؟ .. هل تعرفون حتى مكانها على الخريطة؟ .. الأهم هل تعرفون لماذا الشيشان لليوم أرض مملوكة للروس تديرها حكومة معينة من موسكو؟ .. و يبقى سؤالنا الأساسي هل تعرفون جريمة الفكر التوحيدي (الوهابي) في الشيشان و مسئوليته الكاملة عن مأساتها إلى اليوم؟
..
بالعام 1859 إمتلكت روسيا القيصرية أرض الشيشان كغنيمة لها من حربها مع الأتراك العثمانيون منهيةً بهذا حكم طويل لهم عليها و بادئةً لحكم آخر قمع كل حركات التمرد ضدها من زعماء محليين يفكرون في الإستقلال عن الأتراك و الروس معاً لتستمر الأرض خاضعةً لهم حتى تفكك الإمبراطورية القيصرية بعد العام 1917 و إندلاع حرب أهلية في روسيا سهلت لبلاد مثل الشيشان و أرمينيا و جورجيا و أذربيجان الإنفصال الفوري لكن سرعان ما عادت للحكم الروسي في صيغته السوفيتية الجديدة لتتجدد المقاومة خاصةً مع حرص السوفييت على دمج الإقليم الصغير (20 ألف كم) مع أقاليم مجاورة على رأسها إنجوشيا و تمر العقود بثورات لا تحقق النجاح حتى إنهيار السوفييت و الذي جدد الأمل ليعلن طيار سوفيتي شيشاني يدعى جوهر دوداييف إستقلال الشيشان في 6 سبتمبر 1991 و يعزز موقفه بهزيمة القوات الروسية في نوفمبر 1991 لتضطر روسيا للصمت و هي ترى الشيشان تنفصل عن إنغوشيا في 1992 و تعلن نفسها دولة ذات سيادة عام 1993 ، هنا و في افترة بين 1993 و 1994 بدأت ملامح جديدة تطغى فالدول (المسلمة) الصديقة دعمت تيارات دينية سياسية بمالها (البترولي) لإنشاء دولة تحكم بالشريعة الإسلامية في وسط آسيا و بدأ المال و الصوت العالي ينتشران سريعاً وسط تملل الدولة الأم روسيا فهي لا يروق لها خسارة أرض غنية بالثروات و تراقب بقلق هذا المال الكثير و تلك الفكرة العجيبة التي تنتشر حول توحيد وسط آسيا في دولة إسلامية كبرى محكومة بالشريعة و سرعات ما بدأ القل يتحول لخطر شديد مع إنتشار بعض المتطوعين العرب و زيادة المال البترولي لتقرر موسكو الحسم و تبدأ في 11 ديسمبر 1994 حملة عسكرية لإعادة السيطرة على البلاد.
..
إستمرت الحرب مستعر وسط إنتهاكات بالغة لحقوق الإنسان و إيذاء المدنيين من قبل الروس و تصاعد الغضب الإسلامي بالعالم حتى تحول الأمر لعلاقة طردية فكلما تصاعدت النبا عن المزيد من الجرائم الروسية كلما زادت دفعات المال الممنوحة للشيشانيين من دول بترولية و معها موجة فكرية أسوأ بكثير مما كان موجوداً عام 1991 و ترافق هذا مع تدهور وضع القوات الروسية حتى إضطرت لعقد إتفاق سلام ثانوي في 31 أغسطس مع الشيشانيين ثم أقر بوريس يلستن بالهزيمة و سحب قوات بلاده في 31 ديسمبر 1996 ، هنا أجد دوماً علامة إستفهام كبيرة فالكثير منا لا يعرف أن الروس إنسحبوا من الشيشان عام 1996 و أصبحت الشيشان دولة مستقلة عن روسيا و لم تكن روسيا تلمك سبباً او قدرة على البقاء فلماذا هي اليوم في 2012 هناك بالشيشان ؟! .. هنا يكون الجواب أن الجريمة الوهابية التي تم إرتكابها في الشيشان هي من أعاد الروس للشيشان بدعم دولي و تأييد صريح من الغرب هل تعرفون ما هي هذه الجريمة؟ .. لنرى.
..
بنهاية الحرب كان الرجل الأقوى في الشيشان هو أصلان مسخادوف أركان حرب جوهر دوداييف و رئيس وزراء نظامه الذي قتل في إبريل 1996 على يد قوات روسية و إستطاع أصلان مسخادوف القومي الاتجاهات مدني الإتجاه السياسي الفوز بمنصب رئيس البلاد المنتخب في يناير 1997 ليواجه الأزمة الكبرى..
كان المال البترولي قد صنع مجرمين حرب يسمون بأمراء الحرب الاسلاميين ممن إعتنقوا الفكر الوهابي بتأثيرات عدة أهمها المال الوفير و كان شامل باسييف و إبن الخطاب أبرز رموز الحركة الوهابية المسلحة و معهم أمراء آخرون مستفيدين من المال الوهابي بدأوا في ممارسة عمليات (جهادية) مثل خطف الأجانب و الابتزاز و قتل المدنيين الشيشانيين و غيرهم لدرجة قيام شامل بساييف أحد أبرز رموزالميليشيات الإسلامية بقتل مدنيين جورجيين عام 1993 و لعب كرة القدم برؤوسهم في ستاد سوخومي الرياضي ! .. فكان الأمر يتصاعد و ينتشر وسط إرتباك في دوائر الدول الصغيرة صنعه نفس التيار الذي حرص على تقسيم البلاد بين قوميين مدنيين و وهابية تدعوا لتحكيم الشريعة بنهجهم الخاص و إعلان الشيشان إمارة إسلامية ، مع إستمرار الإضطرابات و التمويل البترولي لأمراء الحرب الاسلاميين و محاولات إغتيال متعددة لأصلان مسخادوف من قِبل الروس و الإنفصاليين الشيشانيين لم يجد الأخير إلا أن يعلن في منتصف فبراير 1999 عن قواعد (شرعية) للحكم في مقابل حل الميليشيات الإسلامية ووقف العنف و عمليات الاختطاف و تمت إنشاء محاكام (إسلامية) أقرت عقوبات الجلد و الرجم و قطع الأطراف و الأسوأ إغلاق البرلمان الشيشاني بإعتباره سلطه دنيوية ليست إسلامية ، كانت قرارات أصلان خاطئة فلم تتوقف تلك التيارات بل زادت بفعل زيادة الدعم الخارجي لها بحكم أنها نجحت في إجبار أصلان على هذا التغيير بل حدث الأسوأ..
في عام 1998 بفعل المال البترولي تم تأسيس وحدة عسكرية متطرفة عرفت بإسم اللواء الإسلامي الدولي تكونت من داغستانيين و شيشانيين منهم شامل بساييف و إبن الخطاب و أتراك و عرب و روس مسلمين كان هدفها هو طرد الروس من كامل القوقاز و توحيده في بلد (إمارة) إسلامية كبرى و قد كان التمويل (البترولي) داعم لهذا العمل بشدة.
جاء عام 1999 و عدد كبير من الهجمات المتتالية منذ 1998 قد تم تفسيرها فاللواء الإسلامي وهابي الإتجاة قرر غزو داغستان ! .. نعم هكذا بكل بساطة قرر لواء من 2000 مقاتل غزو دولة مجاورة لضمها للحكم الإسلامي الشيشاني و إقامة خلافة إسلامية بالقوقاز ! .. كان هذا الأمر بخلاف عدم تناسقه مع قدرات الشيشان المحدودة يهمل تغيير هام جداً في السلطة الروسية ، بوريس يلستن صحته تتدهور و الحاكم الفعلي هو شخص جديد إسمه فلاديمير بوتين كان يعارض فكرة التمدد الإسلامي بالقوقاز و كان هذا الخطأ لدى مقاتلي الشيشان سبباً رئيسياً إعادة إحتلال الشيشان.
في 4 أغسطس 1999 بدأت ميليشيات إسلامية شيشانية و اللواء الإسلامي الهجوم على الوحدات العسكرية الروسية في داغستان تمهيداً لطردها ثم السيطرة على كل البلاد المجاورة و إقامة الإمارة ! .. بالطبع كان بوتين سعيداً جداً بهذه القرارات فهي جعلته يدفع بيلتسن المريض -بتأثير إعلان الدولة الإسلامية في 10 أغسطس 1999 بين الشيشان و داغستان و سلسلة تفجيرات إستهدفت مدنيين روس في موسكو و ليننجراد بيد ميليشيات وهابية بالشيشان خطط لها شامل بساييف- إلى إقرار مبدأ الهجوم عليهم و تطهير داغستان منهم و كانت الأخبار تأتي بأن أهل داغستان تسلحوا للقتال ضد الشيشانيين بإعتبارهم (وهابيين متطرفين) ! .. كانت القوات الروسية تجد التعاون من أهل داغستان في طرد اللواء الاسلامي أو ما تبقى منه و على رأسهم شامل بساييف إلى الشيشان المنكوبة ، و فعلاً في يوم 26 ُغسطس و بعد الإطمئنان على داغستان بدأ الجيش الروسي عمليات صارمة ضد ميليشيات الشيشان الإسلامية وسط إعلان بوتين عدم مشروعية مسخادوف و نظامه الإسلامي و كون شامل و رفاقه إرهابيين و رفضه لأي خطة سلام و على حد تعبيره ” الشيشان حصلت على فرصتها لعامين و نصف و أهدرتها فتلك مسئولية الشيشان
..
لست في حاجة للمزيد..كلنا نعرف الباقي هزيمة منكرة للشيشانيين و فرار الوهابيين و قيام المخابرات الروسية بمطاردتهم و قتلهم جميعاً وسط إستمرار أعمال الارهاب منهم تحت مسمى الجهاد مثل إحتجاز رهائن في مدرسة بإنغوشيا أدت لمقتل 285 منهم و تفجيرات قطارات موسكو و غيرها و من الجانب الآخر لم تتوقف القوات الروسية عن عمليات القتل و الاعتقال و الاغتصاب و تدمير الممتلكات ، قُتل شامل باسييف في 10 يوليو 2006 و قتل بن الخطاب في 20 مارس 2002 و تولت المخابرات الروسية قتل كل المنتمين للنظام السابق بمن فيهم أصلان مسخادوف في 8 مارس 2005 بإعتباره متعاون مع شامل و إبن الخطاب و سليم خان باييف الذي تولي خلفاً لأصلان قتلته المخابرات الروسية في الوحة بقطر في 13 فبراير 2004.
..
كانت هذه جريمة الوهابية الكبرى ، دولة مثل الشيشان ناشئة و عدوها الكبير روسيا مهزوم و لديها فرصة لصناعة دولة مدنية النهج و النظام و مستقرة بل و بعلاقات جيدة مع روسيا التي أقرت بالعلاقات مع الشيشان لدرجة إستقبال يلستن لأصلان في الكريملين تلك الدولة تتحول لدولة عصابات متطرفة تمارس الخطف و الابتزاز و تضغط لإغلاق البرلمان و القيام بحرب جهادية على الدول المجاورة و ممارسة الجلد و الرجم في الشوارع حتى أعطت لروسيا البوتينية شيئين كانت في حاجة اليهما : أولاً مبرر دولي لغزو ثانٍ للشيشان ، ثانياً توفير دعم غربي/أمريكي لإستمرار الإحتلال فالولايات المتحدة لن تقبل أبداً بدولة متطرفة وهابية جهادية في منطقة القوقاز الغنية بثرواتها المنكوبة بحكمها الغير رشيد ..
تلك قصة الشيشان و جريمة الوهابية !
ملحوظة:
إبن الخطاب أو (خطاب) لقب لشاب سعودي هو سامر صالح السويلم و ليس شيشانياً بل سعودياً كما أسلفت.
..
إنشروها .. لنتعلم .. لنفهم .. لنحتاط !

خريف الإسلاميين العربي .. القصة من الجذور


 
من المألوف أن نجد وسط التحليلات السياسية لتقبل الغرب وصول تيارات دينية للحكم أمثال الإخوان في مصر و النهضة بتونس و العدالة و التنمية في تركيا و المغرب أثر لنظرية المؤامرة فوسط كل شئ نجد حديث عن مؤامرة أمريكية لتنصيب تيارات دينية في الحكم لتخرب البلاد و تحتلها أمريكا أو نجد تحليل يقود للرغبة في إستباق التغيير الحقيقي بصناعة ثورات تؤدي لوصول حلفاء جدد للحكم أو ربما نرى تحليل غريب عن مؤامرة إنجيلية تهدف لنشر الحروب في العالم عبر إيصال متطرفين للحكم و ينتهي العالم و يهبط المسيح !
الواقع أن هذه التحليلات غير منطقية لعدم توافقها مع المصالح السياسية و الإقتصاديةللولايات المتحدة و شركائها الأوروبيون و الآخرين بالشرق الأوسط كإسرائيل ، إن تحليل صعود التيار الإسلامي لا يجب أن يكون قاصراً على ديسمبر 2011 الى اليوم بل يجب أن نعود للبداية للجذور لمنبت كل شئ فإنني منتهجاً النهج الماركسي في التحليل السياسي و التاريخي لا يمكن أن أهمل أن التاريخ حلقات متصلة ليست منفصلة مرتبطة ببعضها و أن الكل في صراع من أجل المصلحة و الإقتصاد عصب كل شئ ، من هنا أنطلق و أكتب هذه الرؤية التي أظن أنها كان مُهيئة لما بتنا نراه اليوم فالحدث محل التحليل ليس إلا نتاج ما قبله.
..
كانت العلاقات الأمريكية / الإسلامية طوال القرن ال 19 مختلفة تماماً عن العلاقات الاوروبية الإسلامية و هشة  فبإستثناء التمثيل الديبلوماسي التركي و المهاجرين المسلمين، كانت العلاقات مقتصرة على حروب بربرية بشمال إفريقيا و قرصنة مغاربية على السفن فلم تكن علاقات مباشرة كعلاقات الأوروبيين مع المسلمين بفعل الحروب و السلام و الجوار و الدبلوماسية لكن مع نهايات ذلك القرن و بداية القرن ال 20 بدأ كل شئ يتغير فالولايات المتحدة تنمو و تزداد قوة بينما الإمبراطوريات تتقاتل في أوروبا و الشرق لتنتهي الحرب بدخول أمريكي عسكري لأوروبا و فرض إسمها كقوة لا يستهان بها فيما نصفه بالدخول الأول الأمريكي ، بين الحربين كان الامريكان حاضرين في كل شئ من “مبدأ ويلسون” إلى لجان تحقيق في تركيا إلى تمدد سياسي بالبلاد العربية و تفاعل إرتبط بالكساد الكبير لنصل في النهاية إلى الحرب العالمية الثانية التي يوم إنتهت أنهت معها الإمبراطوريات القديمة و تركت إمبراطورية كبرى تسمى أمريكا و أخرى تنهض تسمى الإتحاد السوفيتي.
هنا نجد تشكيل جديد للعالم مختلف جذرياً عن التشكيل القديم فإنجلترا و فرنسا لم تعودا متصارعتين مع بعضهما و ضد الروس القياصرة بل باتتا دولتين محدودتين في حلف تقودة مستعمرة إنجليزية قديمة -أمريكا- ضد تمدد أيدولوجي خطير يستهوي البلاد الخاضعة قديماً للإستعمار و ينتشر في كل العالم مهدداً المصالح الغربية و هو التمدد الشيوعي الكبير ، كانت أمريكا خارجة من الحرب الثانية و هي بلا جهاز مخابرات و لا خبرة بأي سياسة بالشرق و لا تملك إلا موارد و طموح و ضعف للإمبراطوريات القديمة و عدو ظاهر فلعبت بأوراق قديمة كان الإنجليز و الفرنسيون لعبوها و قوامها أن تحرص على ألا يتحد الشعب المُستَعمر أبداً و الوسيلة أن تكون هناك فرق دينية تضرب الفرق الوطنية و تقسم الشعب و الأهم ألا تتحول إلى مقاومة حقيقية للإستعمار فكانت جماعة الإخوان نموذج لهذا فهي لم تطلق رصاصة ضد الاجليز في مصر بل أطلقتها على رموز الوفد و الأحرار الدستوريون الخ الخ الخ ، كانت تلك الفكرة تشغل بال الأمريكيين كثيراً فلماذا لا تتم مواجهة الشيوعية بتلك التيارات؟
..
منذ الخمسينيات و مع عودة الشاة للحكم برعت المخابرات الأمريكية في تقديم النصح له و كان أهمها دعم الشعور الديني ضد الشيوعية فالشيوعية لن تتوقف إلا بمشاعر دينية و هذا هو نفس منهج الاحتلال مع تغيير في المواقف فالمطلوب ليس فرقة داخلية بين الوطنيين بل تصدي لشئ خارجي و الإسلوب واحد ، في أمريكا و في كل بلاد العالم التابعة لمحور الغرب لعبت الولايات المتحدة نفس اللعبة فالشعور الديني مؤسسة لمواجهة الشيوعية تفوق أي مؤسسة أخرى فأنت لا تتكلف شئ يُذكر بل دور العبادة موجودة و شخوصها و حكام البلاد الخاضعين لك و ما عليك الا تنسيق بالهاتف حول ما يُملى على الناس فقط ، كانت اللعبة جيدة و محورها بالشرق الاوسط -الجزء السني منه- السعودية التي ترعى التيارات الاسلامية الهاربة من معسكر الدول الاشتراكية و على رأسها مصر و تدعم الحرب ضد الشيوعية لأهداف سياسية بحتة حتى حدث شئ مفاجئ ، غزا السوفييت أفغانستان فإنقلبت الآية فبعد أن كانت المهمة الاستعانة بالاسلاميين في الداخل منذ 1974 في بلدان عدة مثل مصر بدعم سعودي لمواجهة الشيوعية مع الابقاء الغربي على دعم الانظمة فقط دون الجماعات مرفق بإتصالات محدودة مع الجماعات و الآن بات الأمر جهاد و ليس مجرد سياسة داخلية في بلدان معينة  .. المطلوب حرب إسلامية على السوفييت تحقق مصالح الغرب بتدمير القوة العسكرية التي صنعها بيرجينيف و إستهلاك السوفييت و كان الأمر هكذا ففي الثمانينيات ظلت الولايات المتحدة تدعم الأنظمة و تتصل بهدوء بالجماعات دون دعم مباشر و السعودية ترعى صبيانها اللاجئين منذ الخمسينيات حتى بعد عودتهم لبلادهم و كليهما يدعمون كل جماعات التطرف بباكستان و أفغانستان و يجمعون لهم التبرعات و يمولوهم بصواريخ أمريكية و فرنسية للجهاد الإسلامي -الهادف لحذف السوفييت لتستطيع الولايات المتحدة الانفراد بالعالم سياسياً و إقتصادياً- إلى أن رحل السوفييت عن أفغانستان ثم رحلوا عن العالم كله لتنقلب الأمور كما إنقلبت عام 1945 .
..
السوفييت رحلوا .. الأمريكان سعداء .. الأنظمة المستبدة تبقى .. الجماعات الاسلامية تهمل إلا من أقل القليل فالأنظمة الحاكمة تقوم بدورها .. الرأسمالية تصبح كتاب العالم الاقتصادي المقدس و البنك الدولى نبي الدين الجديد .. لا أوروبا شرقية و لا سوفييت بل روس جوعى و إتحاد اوروبي .. ماذا ينقص ليحتفل الجميع؟
كانت المعادلة تحمل شوائب أنتجتها الحرب الغربية ضد السوفييت و هي جماعات تكفيرية معادية للغرب جن جنونها بتمدد أمريكي بالخليج الفارسي مع حرب الخليج الثانية ، إمتدت يد الجماعات المدربة جيداً لأسبانيا و أمريكا و إنجلترا فردت الولايات المتحدة بغزو عسكري محدود لأفغانستان له بُعد إقتصادي و آخر سياسي ثم إنتقلت ليكمل الإبن في 2003 ما لم يكمله الأب في 1991 فتم غزو آبار بترول العراق و تقسيمها بين الكل..و بقي شئ واحد كان يُعمل على حله منذ 1998 أوروبياً بدعم أمريكي.. تركيا .
..


كان الجيش التركي و سيظل عقبة أمام أي مخطط غربي للهيمنة على وسط آسيا ، الجيش التركي جيش عقائدي مؤمن بعلمانية الدولة بشكل حاد يفوق مفهوم أتاتورك للعلمانية و قومية متشددة تفوق على منهج اتاتورك القومي و الأهم مصالح سياسية و إقتصادية بالداخل تجعله يرفض فكرة أن يبتعد عن الساحة الداخلية ، الجيش منذ نهاية الحرب العالمية الثانية سار بعيداً عن منهاج اتاتورك و خالف كل قواعده و جعل تركيا -برضا و دعم و تأييد السياسيين- دولة في حلف غربي كبير وليست محايدة كما قرر أتاتورك لها و ظل الجيش يتدخل دفاعاً عن مصالحه و مصالح وقف التمدد الشيوعي حتى إنهار السوفييت و لم يعد الغرب بحاجة لجيش قومي يعيق مصالحهم بوسط آسيا التركي و يتدخل عسكرياً في بلاده محملاً الناتو مسئولية تصرفاته فأقرت أوروبا صراحة عام 1998 ضرورة إعادة هيكلة كل شئ بتركيا إبان حكم يلمظ القصير ليستلم بولنت أجاويد المهمة و يبدأ في تقليص صلاحيات الجيش حتى إنتخابات 2002 التي أفرزت نتيجة غير متوقعة .
مع إنقلاب 1997 بدأت مجموعة من تلاميذ نجم الدين أربكان يدركون أن الأمر بات سخيفاً جداً فأربكان عجوز ينتمي لعقدين مضوا و لديه وجه غير مقبول غربياً و حين حكم إستفز الجيش و الشعب و شركاء السلطة و كان من هؤلاء رجب طيب إردوغان و عبد الله جول اللذان أُلتُقِطا سريعاً من أصدقاء أوروبيون مشتركين ليُنشئوا حزباً و يخوضوا إنتخابات 2002 و ينجحوا ببراعة كحزب جديد يعطي أملاً لشعب أُنهك من لعبة العسكر و السياسيين و الاقتصاد المتهاوى ليبدأ إردوغان في تنفيذ الشق الخاص بالجيش فتظهر قضايا قلب نظام حكم لا يُحاكم عليها أحد بل فقط يحبسوا احتياطياً لسنوات طويلة و كلهم من الجيش و كلهم من الضباط القوميين المعادين للهيمنة الغربية ! .. يوافق إردوغان على غزو العراق 2003 و لا يوقفه إلا حزب الشعب و القوميين ! .. يبيع إردوغان كل ممتلكات الشعب التركي بتوصيات البنك الدولي حتى المواني و شركات الغاز و الاتصالات لأوروبيين و أمريكان و أتراك (أصدقاء) لحزبه !! .. ينجح الحزب شعبياً و يفوز في عام 2007 لتبدأ دوائر غربية في طرح سؤال مصيري:
ألا يمكن لهذا أن يتكرر مع العرب؟
في عام 2008 طرحت مؤسسة راند تقرير هام عن دور حزب العدالة و التنمية التركي طوال 6 سنوات في الحكم كحزب له هوية إسلامية نجح في تطبيق سياسات البنك الدولي ببلاده و نجح في الحفاظ على المصالح الغربية و دعمها و ربط تركيا بشكل غير مسبوق بالقرار الغربي و كان عنوان التقرير : Rise of political Islam in Turkey و فيه طُرحت عدة نقاط هي المُحددة اليوم -كما يبدو- لمنهج عمل الولايات المتحدة مع الاسلاميين:
-1-
It also provides an example of the coexistence of Islam with secular democracy, globalization, and modernity
-2-
In this scenario, the AKP solidifies its hold on power and maintains a
moderate path, not allowing Islamist impulses in its foreign policy to
derail its EU-oriented course. Some erosion of the restrictions on public
expressions of religiosity occurs, and individuals are given greater latitude
to express a more visible Islamic identity. However, no attempt is
made to introduce Islamic legislation, such as Islamic legal codes. At
the same time, efforts are made to reduce the political role of the military.
The AKP government also seeks to loosen restrictions on religious
minorities.
-3-
two other factors argue for a moderate course by an AKP
government.
One is the moderate and pluralistic tradition of Islam.(discussed
in the chapter on the Islamic landscape in Turkey). Rigid Salafi interpretations
of Islam have never taken root within a broad sector of the
Turkish population. Public-opinion polls show that there is little support
in Turkey for an Islamic state.1 A large majority of Turks, including
religious Turks, support the secular state.
-4-
The other factor arguing for a moderate course is that Turkey is
imbedded in the West, institutionally, economically, strategically, and,
to a significant degree, culturally as well. Over the past two decades,
Turkey has converged significantly with European norms. Important
gaps remain, but the trends are clear. The implication of this is that
Islamic politics in Turkey are affected more by the international context
than is generally the case in the Middle East.
-5-
Implications for U.S. Policy
This is important, because it goes to the heart of the issue of the
compatibility of Islam and democracy. The ability of a party with
Islamic roots to operate within the framework of a secular democratic
system while respecting the boundaries between religion and
state would refute the argument that Islam cannot be reconciled with
modern secular democracy. On the other hand, if the experiment fails,
it could lead to greater secular-Islamic polarization, further reducing
the middle ground needed to build the moderate Muslim bulwark
needed to contain the spread of radicalized Islam
-6-
Beyond Turkey, the accommodation of Islam with democracy
and secularism that has been achieved there is a valuable resource in
the current ideological conflict between radical and mainstream interpretations
of Islam. Mainstream entities in Turkey, therefore, should
be encouraged to partner with groups and institutions elsewhere in the
Muslim world to propagate moderate and pluralistic interpretations of
Islam.
-7-
relations with united states
In addition, differences have emerged over the issue of democracy
promotion in the Middle East. While the Erdoğan government has
been a strong advocate of greater transparency and democracy in the
region, Turkish officials, especially the military, have been uncomfortable
with U.S. attempts to portray Turkey as a “model” for Muslim
countries in the Middle East. The military and the secular political
establishment fear that the emphasis on the Middle East could weaken
Turkey’s Western identity and strengthen the role of Islam in Turkish
society.
بتلك الرؤية لخصت واحدة من مؤسسات الاستشارية رأيها في كيفية التعامل مع هذه التيارات الدينية ، أوصت بإستنساخ تجرية حزب الحرية و العدالة ، أشادت بسياسات تركيا العلمانية و حرص إسلامييها على العلمنة ، أشادت بكل التلاصق المستمر و الذي يرفضه الجيش مع الغرب ، المهم هنا هو أنهم صراحةً عبروا عن رؤية جديدة لكيفية إستثمار هذه التيارات عبر:
-1- فرز التيارات الاسلامية و إختصاص و إصطفاء تيار غير متشدد له مصالح إقتصادية رأسمالية و يتبنى منهاج غربي سياسياً و إقتصادياً.
-2- دعم و تأييد هذا التيار ليخوض إنتخابات تصل به للحكم.
-3- الحرص على نقل التجربة.
مع هذا التقرير و غيره ظلت الفكرة معلقة فالولايات المتحدة سعيدة بالأنظمة العربية الاستبدادية و لا مجال لتنفيذ التوصيات لأسباب عدة:
أ/ الأنظمة مستقرة تحافظ على المصالح و لا مبرر لتغييرها.
ب/  تغيير الأنظمة عمل خطير صعب و مكلف بلا فائدة.
ج/ لا ضمان حقيقي لما سيلي التغيير.
و إستمر الأمر طوال عهد بوش الإبن حتى مجئ أوباما و تغير كل شئ تماماً.
..
في 17 ديسمبر أحرق تونسي بائس نفسه لتشتعل البلاد إحتجاجات ضد الفساد تطورت ككرة ثلج إلى ثورة شعبية أجبرت رئيس البلاد على الهرب لتنتقل الى مصر و تجبر رئيسها على الرحيل ثم تنتشر إلى اليمن و البحرين و عملت الولايات المتحدة على صناعتها في ليبيا و سوريا لتصبح المنطقة أمام طوفان نوح الثاني الذي سيصيغ كل المصالح و يعيد ترتيب كل شئ و كانت الولايات المتحدة -ولاتزال- مطمئنة إلى حد أدنى لمصالحها بفعل أن المؤسسة الاقوى في تلك البلاد -الجيش- مرتبطة بالمصالح الغربية فالغرب يموله بالسلاح و كل شئ يحتاجه العسكر و هم يضمنون موقف الجيش و لا يتبقى الا إعادة النظر ، التيارات الاسلامية لها شعبيتها لكن ليست واحدة فهناك متشددين و آخرين محافظين و آخرين محافظين لكن براجماتيين ، من هذه النقطة بدأت الولايات المتحدة في فعل ما نراه فهي تدعم و تشيد بالاخوان و تتجاهل السلفيين تماماً و ترسل رسلها للحوار و يعودوا سعداء فجون كيري يأتي لأوباما برسالة أن الاخوان تعهدوا بإستمرار خطة الاصلاح الاقتصادي التابعة للبنك الدولي و سياسات الحفاظ على المصالح الغربية و الجيش موقفه معروف ، في المغرب الملك و الجيش معروف موقفهما مسبقاً و إخوان المغرب أكثر سلاسة من إخوان مصر ، في تونس الغنوشي -باع القضية- إن جاز التعبير فهو تعهد بديموقراطية تحافظ على نهج بن علي سياسياً خارجياً و إقتصادياً ، بإختار تقرير راند يتم تفعيله بهدوء فالتيارات الاسلامية المحافظة البراجماتية تربح الانتخابات لشعبيتها الاسمية و هم يتعهدون بالحفاظ على نهج الانظام السابقة و الجيش ضامن مستمر.
..
من حروب البربر إلى التوافق الراندي مع إسلاميي العرب..
من إستخدام لأنظمة لتدعم الشعور الديني ضد الشيوعية لمصافحة إسلاميي العمل السياسي..
من التوجس تجاه العدالة و التنمية إلى إستنساخه..
تلك هي الجذور و سلسلة المصالح التي صنعت ما نراه اليوم ، تلك هي رؤية قديمة لراند تحولت لسياسة ثابتة و إختيار لنوعية محددة من التيار الاسلامي للتعامل معهم ، إن هذا المنهج السائد اليوم نتاج تطور طويل لسلسلة بدأت عملياً عام 1917 إلى اليوم و إرتبطت بمواجهة الشيوعية و دعم أظمة ثم إستبدالها بأخرى بل -و هذا لم أتطرق اليه- إزالة أنظمة بإرادة و تخطيط غربي صريح لصالح تنصيب أنظمة أخرى أفضل و أكثر سلامة -ليبيا- أو إزالة أنظمة معادية خطأ بقاءها لليوم -سوريا- و في كل الأحوال تولية أنظمة تُصنع غربياً في أنقرة و بروكسل قوامها إسلاميوا البراجماتية فالأمر في مجمله مصالح صريحة لا أكثر..
تحياتي.

مثلي-مثلية وأفتخر


إبان دراستي في الجامعة إحدى الفتيات لفتت إنتباهي فهي جميلة غير محجبة -على خلاف 99% من المسلمات بالجامعة- و لا أراها بصحبة أي شاب و لديها هدوء ظاهر و تقدم دراسي فتحدثت إلى صديق لإحدى صديقاتها لكي أعرف عنها المزيد فأخبرني -بعد حديثه لرفيقته- أن (الطريق مسدود) لأن البنت طلعت (…) و ذكر لفظاً بذيئاً فلم أفهم حتى قال لي نصاً انها شاذة (سحاقية) ، حينها و بلا مبرر طبيعي تحدثت بهذا كثيراً و كنت غاضب أتصور انها تنشر الفساد و المحرمات و بالاشتراك مع بعض الطلاب العاملين بالاسلام السياسي تعاوننا مع احد المدرسين بالجامعة و تم إجبارها على المغادرة لجامعة أخرى..فإلى هذه الفتاة التي أسأت اليها بجهلي وقتها و تعصبي حينها و قيمي المتشددة أكتب هذا المقال إعتذاراً و أسفاً.
..
هِب أنك في وسط بشر مثلك لهم صفاتك و خصائصك لا تختلف عن أحدهم حين تقاتل معهم و تأكل و تمرح ثم لشأن خاص بك وحدك يتعلق بك أنت فقط يمس أدق خصوصياتك و أكثرها سرية في ممارستها تجدهم يعتبروك آفة لهذا العالم ، هل يمكن ان تحترمهم أو تتفهم موقفهم؟
هِب أنك كنت طبيعياً مع نفسك في عدم الكذب فتمارس عملك كما يقر القانون و لا تخالف النظم المتعلقة بالعمل و الصداقة و ما يتطلبه الاصدقاء من تلازم و صحبة و لا تتجاوز حدودك مع الآخرين و تحترم خصوصيتهم ثم تجدهم لا يحترمون خصوصيتك و يتدخلون في فراشك و يحاسبوك على رغباتك لمجرد انك تظهرها و لا تكذب عليهم و لا تستغفل عقولهم هل يمكن أن تحترمهم أو تتفهم موقفهم؟
هِب أنك في مجتمع الرجل فيه يجبر شريك الفراش على الممارسة بالقوة مستخدماً حق الزواج في صورة أشبه بالاغتصاب و لا يهتم أحد بهذا ، مجتمعك  تُنكح فيه القاصر بمباركة الأهل و الحباب و تكون أم قبل أن تعرف آلية جسدها ، مجتمعك يشيد بفحولة الذكر الزاني كما يصفوه و يذبح الأنثى الثانية كما يصفها ، مجتمعك يقطع لحم انثاه حتى يتجنب أن تُستثار -جهلاً- و يدعم ذكوره بمنشطات ، مجتمع يأمر بصرامة بالحجاب و يتابع بشغف قصص الجنس المتداول في جلسات الزوجات و جلسات الزواج ،هذا المجتمع تجده يحاسبك على ميول خاصة بك وحدك و بشريكك الذي يتراضى معك  هل يمكن أن تحترمهم أو تتفهم موقفهم؟
إن كان ردك لا فقلها..انا مثلي و أفتخر.
..
سيسأل سائل و هل نقبل بهذا الحرام الإثم الكبير؟
أجيب ألا تقبل طالما تلك رغبتك و تلك قناعاتك  لكن دع رفضك لنفسك فلا أطالبك أن تقوم بما ترفض لكن لا تُملي رغباتك الخاصة و معتقداتك و أفكارك على غيرك فلا معنى لأن تفرض على غيرك ما تؤمن به نصاً و قدساً و إيماناً و فكراً على غيرك ، إنك لا تقبل هذا فلا تقمه على فراشك لكن لا تتدخل في فراش غيرك فإنك لا تقبل أن يحاسبك احد على فراشك فلا تفعلها معه فإن كنت تأبى هذا كليةً لدرجة القطيعة فأنت حر  قاطع من ترفضه لو أردت فلن يجبرك أحد على صحبة من لا تحب لكن لا تتدخل فيما لا يخصك إلا لو قبلت أن يكون عليك رقيباً في فراشك ليتاكد أن شريكك لا يمارس معك سراً ما ترفضه أنت.
..
سيقول معترض أن الدولة لا بد ان تحمي المجتمع من الإنحراف.
أسألك انا أين الإنحراف في فراش و طرفين متراضيين و سرية بينهما؟
هل سألت نساء أرضك هل شريكهن (الطبيعي) لديه ما تكره أنت و ترفض أنت لكن الخجل يمنعهن من الحديث؟ .. هل الإنحراف لديك هو الإنحراف مطلق أم نسبي لدى كل الناس ام أن تلك قناعاتك و ما تراه إنحرافاً هو لدى الآخر قناعة طبيعية لا أكثر؟ .. هل دور الدولة مراقبة الفراش أم مراقبة العام من الأمور دون قاعدة تتيح لهم التسلل لفراش الاخر؟ .. الأهم هل تقبل أنت أن نتأكد دورياً أنك لا تدعي كذباً و ان علاقتك بشريكتك أو شريكَكِ غير ما تُظهِر؟
..
سيقاطع ثائراً أحدهم و يصيح بأن هذا كلام الله.
سأجيب أن الله حرم في عقيدتك و كثير من العقائد الأخرى و هذا ثابت لمن يؤمن به فمن يؤمن بالقرآن فهو محرم عنده و من يؤمن بالانجيل فهو محرم عنده و كل كتاب يُحرم المثلية بالتأكيد من يؤمن به هذا محرم عنده ، لكن من لا يؤمن ما شأنك أن تتدخل في شئونه؟ .. من يؤمن و يريد ممارسة ما حُرِمَ عليه لم تتدخل انت في شئونه؟ .. من يحيا و مجتمعه يقبل او يرفض ما ذنبه ان يكون في فراشه مراقباً و على حقه الإنساني مُحاسباً و على رغباته مُعاقباً؟
..
عزيزي الغير مثلي – عزيزتي الغير مثلية..
إن حياتكم الخاصة لا تقبلون الحديث عنها -غالباً- و تنظمونها بينكم بالتراضي و تكون قاصرة على طرفين و ترضي رغباتكما -غالباً- و لا تمثل إلا راحةً لأعصابكما و بدونها تصير حياتكم ناقصة مقيتة و حالتكم النفسية سيئة ، لماذا إذا تتدخلون في نفس الأمر لدى غيركم من المثليين و تمارسون التدخل و تتحكمون في التنظيم و تمنعون إشباع رغبات لطرفين متراضيين و تحيلون حياتهم لجحيم ؟
..
عزيزي المثلي..
عزيزتي المثلية..
لستم في مجتمع اليوتوبيا و ليس هؤلاء عليكم بأوصياء.
من كان منكم يؤمن بكتاب يُحرم مثليته فأمامه النص و العقل و هو حر.
من كان منكم يرى نفسه مريضاً فليسعى لعلاج و من كان يرى نفسه طبيعياً بمثليته فهو حر فتلك شئونك و ليست شئون احد آخر.
عزيزي المثلي..عزيزتي المثلية : قولوها ، مثليون و نفتخر.
……
عن الصورة:
ضابطة البحرية الأّمريكية – الملازم ثان (ماريسا)، باليسار ، تقبل صديقتها، الضابطة (ملازم ثان) سنيل .. وهي المرة الأولى التي يتم فيها اختيار (زوجين) من (*نفس الجنس) .. كأفضل قبلة رومانسية عند العودة للوطن الأم….

ليبرتي .. القصة الحقيقية



السفينة ليبرتي
تحظى حرب الأيام الستة 5/11 يونيو بالكثير من الملفات الغريبة على العين و المثيرة للتساؤلات فليس هناك حرب في تاريخ الشرق الأوسط إمتلأت بهذا الكم من العلامات المحيرة أبداً ، لعل السبب الرئيسي أن الحرب كانت تحالفاً إسرائيلياً أمريكياً في الواقع لكن كل طرف له هدف و كل طرف يتصور الآخر عائقاً  محتملاً في أي لحظة لإختلاف رؤاهم و أهدافهم.
من أهم ملفات حرب الأيام الستة ملف السفينة ليبرتي و هو ملف -و إن تمت حالياً مراجعته و إعلان كل حقائقه- يظل غامضاً لدينا بالمنطقة العربية و قد حدثني رجل كبير في السن بالأمس ببعض الخرافات من نوعية انها شوشت الاشارات المصرية و أعطت أمر بالانسحاب من سيناء بدلاً من المشير عامر !
لذا وجدت أنه من الواجب أن أذكر طبيعة السفينة و مهمتها ثم أشرح كيفية الاعتداء عليها و ما تم لاحقاً و أسبابه راجياً في هذا أن يكون القارئ العزيز على علم بحقيقة مسئولية جمال عبد الناصر و عبد الحكيم عامر عن هزيمة حرب 1967 و ليست سفينة أعطت أمر ما مزيفاً فهي حتى لو كانت قد فعلتها فالانسحاب كان نتيجة مؤكدة بعد سلسلة العمليات العسكرية التي دمرت مطارات مدنية و عسكرية بسينا و خارجها بشكل جعل الانسحاب و الهزيمة على الارض مسألة وقت ، أرجو من القارئ العزيز فهم هذا جيداً فنحن هُزمنا بقيادتنا و لم نُهزم بخدعة إلكترونية.
و الآن ننتقل للمقال..

*ما هي السفينة ليبرتي؟
كانت السفينة ليبرتي واحدة من سفينتين تمتلكهما البحرية الأمريكية بالتعاون مع وكالة الأمن القومي (N.S.A) -الثانية هي سفينة بويبلو صاحبة الفضيحة الشهيرة حين أسرتها كوريا الشمالية عام 1968- مصنوعة و مدشنة في 23 فبراير 1965 و عملت بالخطوط التجارية بالمحيط الهادئ حتى فبراير 1963 حين إنتقلت للخدمة العسكرية ثم لقبها (الحرية) في 1964 بعد تجهيزها من وكاة الأمن القومي و يقتصر تسليحها على 4 مدافع رشاشة (M2.BROWNING) ، يعمل عليها 179 بحار بصفة أساسية مقسمين بين بحارين و خبراء تصنت و إشارات إذ كانت مهمتها الوحيدة دوماً التصنت و إلتقاط الإشارات و كسر الشفرات و لم يكن فيها أي قسم مخصص للتشويش و لم يكن بها خبراء لإعاقة الاشارات كما هو سائد لدى بعض الناصريين لسبب مجهول ، علمت ليبرتي في وزارة الدفاع بقيادة ضابط دائم كبير الرتبة يقود فريق عمليات من الضباط و كان ربان السفينة في البحر وقتها هو الكوماندور ويليام ماكجونجيل .
..
*مهمة ليبرتي:
في مايو 1967 كان ليبرتي تقوم بمهمة تجسس قرب نيجيريا -الولايات المتحدة أرسلتها لتتجسس على الحرب الاهلية لصالح متمردي بيافرا ضد الحكومة و لتتابع مسار السلاح الامريكي المهرب للإنفصاليين- و حين أعلن غلق خليج العقبة أرسل للسفينة في يوم 23 مايو أمر بالابحار فوراً لميناء روتا الاسباني لتنتظر تكليف جديد ، و في 29 مايو كانت في ميناء روتا و قد إنضم إليها خبير في الأمن القومي متخصص بحل الشفرات الاسرائيلية إسمه آلان بلو ، و تلقت ليبرتي يوم 2 مايو الامر بالابحار لنقطة بين العريش/القدس لتقترب من خطوط الامداد الرئيسية الاسرائيلية مع بيان تبعتيها في تلك العملية لقيادة الاسطول السادس و بالفعل في حراسة الغواص النووية آندرو جاكسون وصلت لنقطتها المفترضة وسط صمت تام و أمر مباشر بعد فتح الاجهزة إلا ساعة الأمر حتى لا تلتقطها الآذان الاسرائيلية .
كانت مهمة ليبرتي ببساطة مراقبة الاتصالات و الشفرات الاسرائيلية لضمان إمداد واشنطن بالبيانات المحددة لسير العمليات المفترضة و ضمان ألا تمتد إسرائيل لخارج الاطار المتفق عليه -سيناء فقط- و لشكوك الرئيس الامريكي في نية إسرائيل بضم الضفة الغربية التي تطالي بها منذ ما قبل حرب السويس 1956 ، فكانت مهمة ليبرتي التصنت على إسرائيل و إبلاغ الامريكيين بنيتها الحقيقية أثناء العمليات لأن الولايات المتحدة كان هدفها ضرب ناصر و سلاحه السوفيتي بينما كان هدف إسرائيل الأهم ضم الضفة الغربية و القدس فمصر هدف ضروري لكن الأكثر أهمية ضم تلك الضفة الضرورية لأرض إسرائيل و حتى سوريا غير أساسية بالنسبة للخطة فالمهم الضفة لإسرائيل بينما الولايات المتحدة لا توافق على هذا لمصالحها مع الاردن و السعودية و أعطت ضمانات صريحة للملك حسين في منتصف مايو 1967 بعدم المساس بالضفة.
..
*تدمير ليبرتي:
رصدت ليبرتي الكثير من الإشارات الصريحة من إسرائيل بتوجيه عسكري يشمل تشويش الاتصالات المصرية الاردنية و إرسال لبانات كاذبة تدفع الاردن للإشتباك ع إسرائيل و كذلك رصدت تجهيزات و أوامر تشمل التقدم للأردن و أرسلت كل شئ تباعاً لواشنطن التي وجدت مخاوفها حقيقية لترسل واشنطن في نهايو يوم 5 يونيو لمدير الموساد ووزير الدفاع ديان شكوكها و تحذر من التعدي على الضفة ، هنا إنتبهت إسرائيل لوجود تسريب و بدأت البحث داخلياً و على السواحل لترصد مساء الخامس من يونيو وجود ليبرتي لأول مرة ، هنا و في نفس الوقت بدأ ماكجونجيل يشعر بالتوتر و القلق على سلامية السفينة المعزولة بعد رحيل الغواصة النووية فأرسل نداء إلى قيادة الاسطول السادس لطلب الحماية إحترازياً لكن قائد الاسطولالمنشغل بالحرب و القلق من تورط يتحمل مسئوليته رفض إرسال أي قطعة بحرية دون أمر من الرئيس مباشرة و طلب من ليبرتي رفع العلامات الامريكية لتكون واضحة !!
بدأ ديان العمل للتخلص من السفينة و أرسل مسبقاً أبا إيبان وزير الخارجية لواشنطن لكي يغطي الأزمة حين تقع ، مع توالي الاشارات من ليبرتي بحشود إسرائيلية تتجه للضفة سارعت الولايات المتحدة في مساء 6 يونيو بإقناع الاردن بإعلان وقف إطلاق النار لتجبر إسرائيل على التسمر مكانها و بالفعل تكرر الاعلان و أقرته الامم المتحدة و أعلنت الولايات المتحدة عن أنه لا شئ يبرر أي عمل عسكري إسرائيلي لكن إسرائيل -بدافع مصالحها- أكملت العمليات و تمددت للضفة لأسباب شكلية تتعلق بموقف مصر التي لم توقف اطلاق النار ، ووسط إعتراضات من مجموعة الحرب الاسرائيلية أصر ديان على الاستمرار فالسفينة تمثل خرق صريح لكل الخطط الاسرائيلية لتبدأ عملية الصيد وسط تحذيرات (N.S.A) الى ليبرتي بأن هناك هجوم وشيك عليها و عليها الابتعاد سريعا عن الشواطئ الاسرائيلية و الاقتراب من الغواصة النووية آندرو جاكسون .
في  8:50 من صباح 8 يونيو طافت طائرة نفاثة اسرائيلية للرصد فوقها .
في 10:56 دارت طائرتين حربيتين إسرائيليتين فوقها للرصد.
في 11:26 عادت الطائرتين بصحبة طائرة ثالثة وداروا عدة دورات حول السفينة و إختفوا لتعلن لبيرتي حالة الطوارئ .
في 13:52 أرسلت السفينة نداء إستغاثة للأسطول السادس بأنها إنكشفت و قد تتعرض لهجوم بين لحظة و أخرى دون رد .
في 13:54 أصيبت ليبرتي بصواريخ ثلاث طائرات ميراج هاجمتها ثلاث مرات.
في 14:24 قوارب طوربيد إسرائيلية تقترب و ليبرتي تعلن هويتها وسط صمت القوارب.
في 14:35 القوارب تقصف ليبرتي و موت مندوب (N.S.A) .
..
كان مركز الاستطلاع البحري المصري بالكامل يتابع الاحداث و هو لا يفهم أي شئ..كيف تتقاتل سفينة بحرية أمريكية و قطع جوية و بحرية إسرائيلية؟
أما الاسطول الامريكي السادس فقد هرعت حاملة طائراته ساراتوجا لنجدة ليبرتي لكن في منتصف الطريق صدرت الاوامر بعودتها بلا سبب معروف ! !
مع الاعتذارات الاسرائيلية الفورية لأمريكا كانت طائرة هليكوبتر إسرائيلية تحوم حو ل بقايا ليبرتي و البحارة يطلقون الرصاص من أسلحتهم الخاصة عليها بينما هي تلقي ثقل من الرصاص يعرف الطائرة بأنها تقل الملحق العسكري الامريكي و تسأل عن الخسائر ! !
لاحقاً وصلت مدمرة سوفيتية (مذهولة) إلى الموقع و رفض باقي الطاقم ماعدتها خوفاً من دخول السوفييت للسفينة السرية .
..
*لاحقاً:

نصب تذكاري لضحايا ليبرتي

عاد الضحايا و القتلى للولايات المتحدة ليهدوا مباراة مؤلمة بين فريقين ، الفريق الأول الجيش الذي عمم عليهم تعليمات بأن لا يدلوا بأي تصريح بخلاف أن الحادث عرضي ! !
الفريق الثاني سيناتورات الولايات المتحدة الذين تباروا في الدفاع عن إسرائيل بإعتبار الحادث غير مقصود و أنهم لم يروا العلامات الامريكية !!
رفض قبطان السفينة كل هذا و في شهادته أصر على أنهم أعلنوا هويتهم و أن الحادث متعمد بينما قال مارشال كارتر مدير (N.S.A) أن الهجوم متعمد من قبل إسرائيل و لا مجال للخطأ و أيده نائبه توريس تورديل الذي وصف الحادث بأنه جريمة هدفها تدمير سفينة تصورت إسرائيل أنها تتجسس عليها.
و إنتهى الأمر بالتراضي و إغلاق الملف !

..

إحتجاجات في واشنطن عام 2007 في ذكرى الحاإنني من هذه التدوينة أهدف للتالي


إنني من هذه التدوينة أهدف للتالي:
-1- ألا نعلق على ليبرتي بالكذب قرار الانسحاب الذي كان ناتج عن هلع المشير بعد الهزيمة في معركة  معركة أبو عجيلة.

-2- فهم كيفية التعامل بين القوى الدولية و حتمية الصدام بين الحلفاء و أنه لا مكان للمشاعر وقت الحرب.

-3- إستيعاب درس ليبرتي لفهم كيفية إدارة الأمور في واشنطن و طبيعة حساسية المسألة الاسرائيلية.
-4- دراسة تأثير اللوبي الاسرائيلي على قرار الكونجرس الذي يتغاضى عن الحادث في مقابل المصالح الامريكية الاسرائيلية بشكل هائل.

..
كانت تلك قصة ليبرتي.