مع متابعتي لموقف السلفيين الرافض للحدثة البشرية العصرية كبديل لأحكام الشريعة في شقها الخاص بالشئون الدنيوية و الدولة وجدت تكرار معتاد و مكرر للصراع الأزلي بين القديم و الجديد و الذي نراه إنسانياً في إشكاليات العلاقات بين الجيال و سياسياً بين المحافظين و الليبراليين و في أداء الحكومات نفسها و لعل نموذج الساموراي هام لأنه مثل صراع يجعلنا نفهم ما يحدث بصورة واضحة و يقدم لنا النتيجة الحتمية للصراع بين القديم و الحداثة.
كما ذكرت فتاريخ المجتمع الإنساني كان الصراع بين القديم و الحديث مستمر فالقديم له مبرراته إما الدينية أو القومية أو العنصرية و في كل الأحوال تكون تلك المبررات وسيلة لرفض الحداثة متخذة كلمات مثل الخصوصية و الهوية وسيلة لمنع الحداثة ، في التاريخ القديم حالات عديدة أهمها و الأقرب الينا عملياً هو نموذج الساموراي.
نشأ الساموراي كفرق للحفاظ على الأمن و خدمة الإمبراطور و الحفاظ على المقومات التقليدية للمجتمع و العمل على تثبيت النظام الاقطاعي الحديث ، مع فترة إيدو  江戸時代 1603-1868 كان الساموراي قد وصلوا لمرحة التحكم الكامل في المجتمع الياباني و النفوذ الأكبر مكرسين سلطاتهم العسكرية و الطبقية ، حين إنتهى عصر إيدو و بدأ عصر جديد يسمى بفترة مييج (1868-1912)  明治時代 المعروفة بالعهد صاحب الحكومة المستنيرة ليصل الإمبراطور ميتسو هيتو للحكم و تتساقط ىخر شخصيات عهد إيدو ، بدأ العهد الجديد برؤية واضحة أن على اليابان الإرتباط بالعصر الحديث علميا و عسكرياً و بالفعل بدأت اليابان بالعمل على تحديث كل مؤسساتها البدائية و على رأسها الجيش ليصطدموا بالساموراي المتشددين تجاه أي تحديث لدرجة رفض كامل لإستخدام البندقية ليكون الأمر مزري ففي عصر المدفعية و الرصاص و السلاح الالي يكون الجيش من مقاتلي السيف!!
بدا الصدام بين الدولة و الساموراي وسط إصرار الساموراي على رفض الحداثة و الاصرار على القتال بالسيف؟؟!
إنتهى الأمر بسلسلة تمرد إنتهت مع تمرد ساتسوما (يناير 1877-سبتمبر1877) ليسقط مع التشكيل الخير لبقايا الماضي و ينتصر الحديث بقوة السلاح في تطبيق فعلي لنظرية التحديث فالمدفعية و السلاح الالي أبادوا الفرسان على أحصنتهم و سيوفهم في سابقة مضحكة تؤكد أن الرجعي لا يفهم إلا بالتجربة فقط (تكرر الأمر مع غزو بولندا من ألمانيا (1 سبتمبر/2 أكتوبر 1939) حين أباد الألمان جيش بولندا المسلح بالاحصنة و السيوف)  كانت معركة شيروياما 24 سبتمبر 1877 هي خاتمة تمرد الساموراي و إثبات لتفوق الحديث بشكل نهائي ليضطر بقايا الساموراي للتحديث و الانضمام و الذوبان في المجتمع الحديث.
اليوم هل يلقى السلفيون نفس المصير؟؟
في تصوري أن تلك الجماعات المتطرفة الرجعية لا تفهم إلا شعارات غير واقعية من نوعية الهوية و التراث الخ الخ الخ ، هذه الشعارات ربما تحمل هماً ثقافياً لكن لا تتعلق بأي شكل بالتحديث فهو شئ لا يمس الجوهر الثقافي مباشرةً إلا لو كان الجوهر متآكل و هذا غير وارد إلا في أضعف الحالات.
السلفيون بكل أسف يسيرون في طريق الساموراي و أقول بكل أسف لأنهم الآن و بعد إحتجاجات 25 يناير 2011 يقودون قطاع مؤثر من المصريين معهم في الأقاليم بالقرى و النجوع و هم من سيقودهم إلى الحكم و هنا يظهر الفارق التاريخي.
في تركيا قاد الراحل الكبير كمال اتاتورك (1923-1938) صراع التحديث ضد بقايا الماضي كما قادت حكومات عهد مييج التحديث ضد بقايا الماضي هي الأخرى ، في الحالتين كانت المُحدث هو الحاكم صاحب الشرعية و الشعبية و فرض الحداثة ليدين له اليوم شعبه بعد موته بالجميل لكن مع السلفيين اليوم و للظروف السياسية فهذا لن يحدث بالمرة ، السلفيون انصار الماضي هم من سيشارك بالحكم.
إخوتي:
منذ 25 يناير و الأخطاء تتوالى بشكل فج و بإستهتار رصدته عن الأخطاء الاستراتيجية ل 25 يناير ، لا تتركوا الساموراي يحكمون مصر..لا تتركوا الساموراي يحكمون مصر.