كثيرة هي الروايات المختلفة حول قصة الحجاب في تركيا  الى اليوم و قليل منها الصحيح و قد رأيت أن ألقي الضوء على تاريخ الحجاب الحقيقي في العهد الجمهوري التركي الحديث الحجاب أو اليشمك التركي هو الرداء التقليدي الذي يمكن تسميته النقاب اليوم حيث يخفي وجه المرأة التركية كما يخفي جسدها فكلمة حجاب لها أكثر من معنى في تركيا فقد تعني قديماً اليشمك و تعني حديثاً المعنى الحالي و هو تغطية الشعر فقط و كذلك القديم أيضاً و كان اليشمك هو السائد في العهد العثماني الحديث كرداء تقليدي لنساء طبقات معينة بالمدن فقط بينما كانت المرأة التركية لا تلتزم به في الريف التركي حيث كان الرداء التقليدي هو المناسب لعمل النساء في الحقول و الزراعة.
مع عهد التحديث الأول في بداية القرن التاسع عشر كان المثقفون الأتراك قد بدأوا في الدعوة للتخلي عن القيود المفروضة على المرأة و منها اعاقتها عن حقوقها الشرعية و القانونية و كان اليشمك من أهدافهم الأولى لكن ظلت الدعوات مرفوضة و مهاجمة على الرغم من التحديث الغربي السريع الذي بدأ من العام 1839 و الذي يعد الحلقة الأولى في تحديث تركيا العثمانية و ربطها بأوروبا من نواحي عدة و كانت المرحلة الثانية مع صدور الدستور العثماني ووجود اتجاهات تركية داخلية عديدة للمزيد من الإصلاح لكن مع بدايه الحكم الإستبدادي الحميدي تمت الاطاحة بأغلب محاولات التحديث و تجمدت البلاد تماماً وسط اصلاحات بسيطة في بعض النظم التي لا تغير وضع المرأة او البلاد.
مع وصول الأحزاب للحكم بعد العهد الحميدي ثم الحكم الاتحادي كانت المرحلة الثانية للتحديث حيث نشطت عمليات دعوة تعليم الفتيات و الحقوق النسائية و تدعيم الاتجاه التحديثي العثماني مع تدعيم الموقف من رفض الوضع الردئ للمرأة العثمانية المناقض لأحكام الشريعة و نصوص القانون نفسه و كان اليشمك من علامات التراجع التي رآها الاتحاديون و ان لم يتطرقوا اليه على أرض الواقع و لكن مع رحيل الاتحاديين من الحكم عام 1918 توقفت الحركة التحديثية العثمانية و دخلت البلاد في مرحلة الاحتلال الأوروبي لتركيا و تفرغ الأتراك بقيادة (مصطفى كمال) للقتال من اجل الحرية ضد القوات الأوروبية الحليفة و قوات السلطان و الخليفة (وحيد الدين) المتحالفة مع الاحتلال حتى انتهت الحرب بطرد قوات الاحتلال في سبتمبر1922 ثم الغاء السلطنة في نفس العام و الاتجاه لمفاوضات مع اوربا ثم اعلان الجمهورية أكتوبر 1923 و الغاء الخلافة مارس 1924 لتنتهي ملامح العهد العثماني و مراحل تحديثه المختلفة و ببداية العهد الكمالي الجمهوري (1923/1938) كانت سلسلة أخيرة من تحديث تركيا قد بدأت لكن بشكل آخر مختلف له قواعده الخاصة بعيداً عن القواعد العثمانية مما جعل للتحديث طابع خاص ارتبط بشدة بتغيير كل قواعد الحكم و المؤسسات و السياسة التركية العثمانية لصالح قواعد جديدة غربية و كان الحجاب من تلك القواعد.

طوال تاريخه و على الرغم من رفضه للحجاب  لم يمنع (مصطفى كمال اتاتورك) ارتداء الحجاب قانوناً و ظلت سياسة الدولة تشجع خلع الحجاب و لكن دون منع او تقييد أو تجريم سواء في قانون القبعة 1925أو قانون القيافة فورمة 1926 أو قانون الملابس الدينية 1934- هذا القانون أشار لمنع اليشمك و الحبرة و البرقع و لم يمنع تغطية الشعر – و باتت الفكرة التحديثية الجدية تشجع على خلع الحجاب دون تجريمه و استمر الأمر في عهد خليفته عصمت اينونو (1938/1950) دون تغيير ، جاء العام 1966 ليشهد أول واقعة تجاه الحجاب (غطاء الشعر و ليس اليشمك كعهد اتاتورك و اينونو) في كلية الشريعة بأنقرة مع حجاب الطالبة (نسيبة بولايجي) حيث أنذرتها الجامعة بخصوص تغطية شعرها ثم العام 1967 بنفس الكلية مع الطالبة (خديجة باباجان) و لكن لعدم وجود قانون في تركيا ضد الحجاب فلم تتعرض الطالبتين للعقاب و لوحظ ارتفاع عدد المحجبات.
طوال عقد السبعينيات و مع التيار الاسلامي السياسي تزايدت اعداد المحجبات في الجامعات و ترافق هذا مع تصاعد الصدام المسلح في الشوارع بين اليمين و اليسار وسط أعداد يومية من القتلي و اضطرابات اقتصادية غير مسبوقة مما دفع الجيش لانقلاب 1980 الذي انهى حالة الاضطراب و انقذ الاقتصاد التركي من الافلاس و اعاد الاستقرار السياسي لكنه من جانب آخر مارس اعمال الاعدام و الاعتقال و التعذيب العشوائي و كان للحجاب نصيب حيث بدأت قرارات عسكرية تحمل صبغة قانونية بمنع الحجاب في المؤسسات الجامعية قم التعليمية من قبل الحكومة العسكرية للجنرال (كنعان افرين) كنوع من مواجهة تيار الاسلاميين السياسيين و مع هذا ظلت مسألة تقييد الحجاب تتراوح بين مكان و آخر فلم يكن التعميم شاملاً في تطبيقه لمؤسسات التعليم كلها و مؤسسات الدولة و شهد العام1983 الغاء الحكومة المنتخبة لهذا لاالقرار العسكري ليأتي  عام 1984 في احصاء أكد تضاعف اعداد المحجبات في كل مكان و تتوالي المخاوف منه لتصدر المحكمة الدستورية التركية قرار مماثل لقرار الجيش عام 1981 و يسري الأمر  حتى انقلاب 1997 ضد حكومة أربكان النصفية و قبل شهور قليلة من ترك الحكم لشريكته حيث أدى هذا الى تم تعميم امر من مجلس التعليم الأعلى في 23/2/ 1998  بطرد كل الطالبات المحجبات بلا استثناء و تم منع الحجاب نهائياً بحكم قضائي آخر في نفس العام من كل مؤسسات الجمهورية العامة لتشهد تركيا حالات مؤلمة من اضطهاد المحجبات كان أشهرها طرد النائبة المحجبة (مروة قاوقجي) من الجلسة الأولى للبرلمان في عام 1999 بأمر من (بولنت اجاويد) رئيس الحكومة و (سليمان ديميريل) رئيس الدولة و ( حسين كيفريكوجلو ) قائد الأركان من البرلمان ثم نزع الجنسية عنها لاحقاً لأسباب مختلفة.
تعددت محاولات حزب العدالة و التنمية التركي المحافظ لإنهاء المشكلة  - أكثر من 55% من التركيات يغطين شعرهن خارج البيت - و أبرز مراحلها محاولة عام 2008 للسماح بالحجاب في الجامعات عبر قانون أصدره البرلمان ذو الأغلبية التابعة للعدالة و التنمية لكن المحكمة الدستورية العليا ألغت القرار و أنذرت الحزب  ليستمر الحال كما هو عليه لليوم وسط وعود في اكتوبر /2010 من (أردوغان) بحل المشكلة نهائياً في 2011.